التجنيسِ والسجعِ يطولُ . ولم يكن غرضُنا من ذكرهما شرحَ أمرهما ولكنْ توكيدُ ما انتهى بنا القول إِليه مِن استحالة أن يكونَ الإِعجازُ في مجرَّدِ السُّهولَةِ وسَلامةِ الألفاظِ مما يثقُلُ على اللسانِ .
وجملةُ الأمر أنّا ما رأينا في الدنيا عاقلاً اطَّرَح النَظْمَ والمحاسِنَ التي هو السببُ فيها في الاستعارةِ والكنايةِ والتمثيلِ وضروبِ المجازِ والإيجازِ وصدَّ بوجهه عَنْ جميعها وجعلَ الفضلَ كلَّه والمزيةَ أجمعَها في سلامَةِ الحروفِ مما يثقلُ كيفَ وهو يؤدِّي إِلى السُّخفِ والخروجِ من العَقْلِ كما بيّنا .
واعلمْ أنه قد آنَ لنا أن نعودَ إِلى ما هو الأمرُ الأعظمُ والغرضُ الأهمُّ والذي كأنه هو الطِّلبةُ وكلُّ ما عداهُ ذرائعُ إِليه وهو المرامُ وما سواه أسبابٌ للتسلُّق عليه . وهو بيانُ العِلَلِ التي لها وَجَبَ أن يكونَ لنظمٍ مزيةٌ على نَظْمٍ وأن يَعمَّ أمرُ التفاضُلِ فيه ويتنَاهى إِلى الغاياتِ البعيدةِ . ونحن نسألُ الله تعالى العونَ على ذلِكَ والتوفيقَ له والهدايةَ إِليه