أنه في تقديرِ محذوفٍ وأن معناه الآن كالمعنى إذا قلتَ : بدتْ مثلَ قمرٍ ومالتْ مثلَ خوطِ بانٍ وفاحتْ مثلَ عنبرٍ ورنتْ مثلَ غزال في أنَّا نخرجُ إلى الغَثاثة وإلى شيءٍ يَعْزِلُ البلاغةَ عن سلطانها ويخفِضُ من شأنها ويصدُّ بأوجُهِنا عن محاسنِها ويَسُدُّ بابَ المعرفة بها وبلطائفها علينا . فالوجهُ أن يكون تقديرُ المضافِ في هذا على معنى أنه لو كان الكلامُ قد جىءَ به على ظاهرهِ ولم يُقْصدْ إلى الذي ذكرنا من المبالغة والاتِّساع وأن تُجْعَلَ الناقةُ كأَنها قد صارتْ بجملتها إقبالاً وإدباراً حتى كأَنها قد تَجَسَّمتْ منهما لكان حقُّه حينئذٍ أن يُجاءَ فيه بلفظِ الذَّاتِ فيقالَ : إنما هي ذاتُ إقبالٍ وإدبارٍ . فأما أن يكونَ الشعرُ الآن موضوعاً على إرادةِ ذلك وعلى تنزيلهِ منزلةَ المنطوقِ به حتى يكونَ الحالُ فيه كالحال في : .
( حَسِبْتُ بُغامَ راحِلَتي عَناقاً ... ) .
حين كان المعنى والقصدُ أن يقولَ : حَسِبْتَ بُغامَ رَاحلتي بغامَ عناقٍ . مما لا مساغَ له عندَ من كان صحيحَ الذوق صحيح المعرفة نَسّابةً للمعاني