( هِيَ البُرْءُ والأسْقامُ والهَمُّ والمُنى ... ومَوْتُ الهَوى في القَلْبِ مِنّي المبرِّحُ ) .
( وكانَ الهَوى بالنَّأي يُمْحَى فَيَمَّحي ... وحبُّكِ عِنْدي يَسْتَجِدُّ ويَرْبَحُ ) .
( إِذا غَيَّرَ النَّأيُ المحبّينَ لمْ يَكَدْ ... رَسِيْسُ الهَوى من حُبِّ ميَّةَ يَبْرَحُ ) .
قال : فلما انتهى إِلى هذا البيتِ ناداه ابنُ شُبرُمَةَ : يا غَيْلانُ : أراه قد برحَ ! قالَ فشنقَ ناقَتَه وجعلَ يتأخرُ بها ويتفكَّر ثم قال : .
( إِذا غَيَّرَ النّأيُ المُحِبِّينَ لم أَجِدْ ... رَسِيسَ الهوى من حُبِّ ميّةَ يَبْرحُ ) .
قال : فلما انصرفتُ حدثتُ أبي قال : أخطأَ ابنُ شُبْرُمة حين أنكر على ذي الرُّمة وأخطأ ذو ذو الرُّمة حين غيَّر شعرَه لقولِ ابن شبرمة إِنما هذا كقولِ الله تعالى : ( ظُلُمَاتٌ بَعْضُها فوقَ بَعْضٍ إِذَا أَخرجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها ) . وإِنما هُوَ لم يَرَها ولم يَكَدْ .
واعلمْ أنَّ سبب الشُّبهةِ في ذلكَ أَنَّه قد جَرَى في العُرفِ أن يقالَ : ما كادَ يفعلُ ولم يكدْ يفعلُ : في فعلٍ قد فُعِلَ على معنى أنَّهُ لم يفعلْ إِلاّ بَعْدَ الجهْدِ وبعد أن كان بعيداً في الظّنّ أنْ يفعلَه كقولِه تعالى : ( فَذَبَحُوها وَمَا كَادُوْا يَفْعَلُوْنَ ) . فلما كانَ مجيءُ النفيِ في