باب الفصل والوصل .
فصل في الأصول العامة لوصل الجمل وفصلها .
وإِذْ قد عرفتَ هذه الأصولَ والقوانين في شأنِ فصلِ الجُملِ ووصلها فاعلمْ أنّا قد حَصَلنا من ذلك على أنَّ الجملَ على ثلاثةِ أضربِ .
جملةٌ حالُها مع التي قبلَها حالُ الصفةِ معَ الموصوفِ والتأكيدِ مع المؤكَّدِ . فلا يكونُ فيها العطفُ البتَّةَ لشَبهِ العطف فيها لو عُطِفَتْ بعطفِ الشيءِ على نفسه .
وجملةٌ حالها مع التي قبلها حالُ الاسمِ يكونُ غيرَ الذي قبلَه إلا أنه يشارِكُه في حكمٍ ويدخلُ معه في معنى مثلِ أن يكونِ كِلا الاسمينِ فاعلاً أو مفعولاً أو مضافاً إليه فيكون حقُّها العطف .
وحملةٌ ليست في شيء مِنَ الحالين بل سبيلُها مع التي قبلها سبيلُ الاسم مع الاسم لا يكونُ منه في شيءٍ فلا يكونُ إياهُ ولا مشاركاً له في معنًى بل هو شيءٌ إن ذُكر لم يُذْكَر إلا بأمرٍ ينفردُ به . ويكونُ ذِكْرُ الذي قَبْلَه وتَركُ الذِّكْر سواءٌ في حالِه لعدم التعلقِ بينه وبينَه رأسا . وحقُّ هذا تركُ العطفِ البتَّةَ فتركُ العطفِ يكونُ إمَّا للاتصالِ إلى الغاية أوِ الانفصال إلى الغايةِ والعطفُ لما هو واسِطَةٌ بينَ الأمرين وكانَ له حالٌ بينَ حالين فاعرِفه .
فصل في مسائل دقيقة في عطف الجمل .
هَذا فَنٌّ من القولِ خاصٌّ دقيقٌ . اعلمْ أن ممّا يقِلُّ نظرُ الناسِ فيه من أمر العطفِ أنه قد يؤتَى بالجملةِ فلا تُعْطَفُ على ما يليها ولكنْ تُعْطَفُ على جملةٍ بينها وبينَ هذه التي تعطفُ جملةٌ أو جملتانِ . مثالُ ذلك قولُ المتنبي - الوافر - :