القول في الحذف .
هو بابٌ دقيقُ المسلك لطيفُ المأخذ عجيبُ الأمر شبيه بالسِّحر فإِنَّك ترى به ترك الذِكْر أفصحَ من الذكر والصمت عن الإِفادة أزيدَ للإِفادة وتجدُك أنطقَ ما تكونُ إِذا لم تنطِقْ وأتمَّ ما تكون بياناً إذا لم تُبِن . وهذه جملةٌ قد تنكرُها حتى تُخبَر وتدفَعُها حتى تنظَر أنا أكتبُ لك بَديئاً أمثلةً ممَّا عَرَض فيه الحذفُ ثم أنبِّهك على صحةِ ما أشرتُ إليه واقيمُ الحُجَّةَ من ذلك عليه صاحبُ الكتاب - البسيط - : .
( اعْتَادَ قَلْبَكَ من لَيْلى عَوائِدُهُ ... وهاجَ أَهْواءكَ المكْنُونةَ الطَّلَلُ ... رَبْعٌ قَوْاءٌ أَذَاعَ المُعْصِرَاتُ بِهِ ... وكُلُّ حَيْرَانَ جارٍ ماؤُهُ خَضِلُ ) .
قال : أرادَ ذاكَ رَبْعٌ قواءٌ أو هوَ ربعٌ . قال : ومثلُه قولُ الآخر - البسيط - : .
( هل تَعْرفُ اليومَ رَسْمَ الدَّارِ والطَّللا ... كَما عَرفْتَ بِجَفْنِ الصَّيْقَل الخِللاَ )