ومنها ونظرت بعد ذلك إلى القلعة المحروسة وقد قامت قيامة حربها حتى قلنا ( أزفت الازفة ) وستروا بروجها من الطارق بتلك الستائر وهم يقولون ( ليس لها من دون الله كاشفه ) ومنها وتطاول إلى السور المشرف وقد فضل في علم الحرب وحفظ أبوابه المقفلات فما وقفنا على باب إلا وجدناه لم يترك خلفه لصاحب المفتاح تلخيصا لما أبداه من المشكلات فلا وابيك لو نظرته يوم الحرب وقد تصاعدت فيه أنفاس الرجال لقلت ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد وإلى المحاصرين وقد جاؤوا فارسا وراجلا ليشهدوا القتال لقلت ( وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ) وإلى كواكب الأسنة وقد انتثرت وإلى قبور الشهداء وهي من تحت أرجل الخيل قد بعثرت وإلى كر الفوارس وفرها لقلت ( علمت نفس ما قدمت وأخرت ) ومنها وتصفحت بعد ذلك فاتحة باب النصر فعوذته بالإخلاص وزدت لله شكرا وحمدا وتأملت أهل الباب وهم يتلون لأهل البلد سورة الفتح وللمحاصرين ( وجعلنا من بين أيديهم سدا ) وكم طلبوا فتحه ولم يجدوا لهم طاقة وضرب بينهم بسور له باب ( باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ) ومنها هذا وكم من مؤمن قوم خرج من دياره حذر الموت وهو يقول النجاة وطلب الفرار وكلما دعاه قوم لمساعدتهم على الحريق ناداهم وقد عدم الاصطبار ( يا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار ) ومنها فأعيذ ما بقي من السبعة بالسبع المثاني والقرآن العظيم فكم رأينا بها يعقوب حزن رأى سواد بيته فاصفر لونه ( وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم ) ومنها وتوصلت إلى ظاهر كيسان فأنفقت كيس الصبر لما افتقرت من دنانير تلك الأزهار والدراهم رباها وكابرت إلى أطراف الباب الصغير فوجدت فاضل النار لم يغادر منها ( صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ) ومنها هذا وكم خائف قبل اليوم آويناه بها إلى ربوة ذات قرار وكم كان بها مطرب طير خرج بعدما كان يطرب على عود وطار