قلت ولولا خشية الإطالة لأوزدت هنا رسالة السيف والقلم بكمالها ولكن في هذا القدر من نور اقتباسه ما يهتدي به الأعشى ويستغني بإنشائه عن سلافة الإنشا .
ومن غريب اقتباسات الشيخ جمال الدين أيضا ما كتب به مع منقد نحاس وهو قوله فيه طالما حمدت معاشرته ولذت في الليالي مسامرته وأطلع من أفقه نجوما سعيدة القران وتلا على الريح والثلج ( يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران ) ومن ذلك بديع الاقتباس للشيخ زين الدين بن الوردي في خطبته في الكلام على المائة غلام وهو لعمري ما أنصفني من أساء بي الظن وقال إني رضيت مع درجة العلم بهذا الفن والصحابة كانوا ينظمون وينثرون ونعوذ بالله من قوم لا يشعرون ومن ذلك قوله في توقيع عدالة بعض الشهود بحلب المحروسة وهو الحمد لله الذي شاد رتبة العدالة وحماها وجعلها همة من شرفت نفسه فزكت ( وقد أفلح من زكاها ) وعصمة من فرقة في قلوب الحكام من نار تدليسهم وقود ( وهم على مايفعلون بالمؤمنين شهود ) ومن ذلك ما كتب به عنه وعن أخيه يوسف وإذا عني الصاحب بالأخ رفقا وإحسانا تلونا ( هذه بضاعتنا ردت إلينا ونمير أهلنا ونحفظ أخانا ) والله يعلينا بعلوك ويبلغنا مرجونا ببلوغ مرجوك حتى يقول أولاد الصاحب عنا ( ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ) ومن ذلك ما كتب به بقية السلف الشيخ زين الدين أبو بكر العجمي على قصيدتي الكافية البرهانية تقريظا أشرفت أقطار الأدب بنور اقتباسه والاقتباس في التقريظ فيا له من قصيد رد عيون أعيان هذه الصناعة من الحياء مطرقه تالية على من قاسها بامرىء القيس ( فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقه ) ومن ذلك ما كتب به الشيخ برهان الدين القيراطي إلى الشيخ جمال الدين بن نباتة يقبل الأرض التي سقت السماء نباتها وعمر الله بمعاني الحسن أبياتها .
منها فلا غرو أن فصح بديع الزمان بلفظه البديع وأزهرت الأوراق بمنثور رسائله التي كل فصل منها ربيع وخجلت صفحة الخد المنمنمة بطراز العذار المرقوم وقالت الكؤوس حين شبهت في إمالة الأعطاف بألفاظه وما منا إلا له مقام معلوم ومنها