الحمد لله الذي جعل الجنة تحت ظلال السيوف وشرع حدها في ذوي العصيان فأغصتهم بماء الحتوف وشيد بها مراتب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص وعقد مرصوف وصلى الله على سيدنا محمد هازم الألوف وعلى اله وأصحابه الذين طالما محوا بريق الصوارم من سطور الصفوف وسلم .
أما بعد فإن السيف زند الحق القوي وزنده الوري به أظهر الله الإسلام وقد جنح خفاء وجلا شخص الدين الحنيفي وقد جمح جفاء وأجرى سيوله بالأباطح فأما الحق فمكث وأما الباطل فذهب جفاء وحملته اليد الشريفة النبوية وخصته على الأقلام بهذه المزيه وأطلعته في ليالي النقع والشك سراجا وهاجا وفتح باب الدين إلى أن دخلت فيه الناس أفواجا فهو ذو العزم الثاقب وسماء المجد الذي زينت آثاره بزينة الكواكب والحد الذي كأنه ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب تحسم به أدواء الفتن المضلة وتحذف هممه الجازمة حروف العلة ويحيى من سماء القتام بالضرب فقل يسألونك عن الأهله يجلس على رؤوس الأعداء قهرا ويصرع أبناء الشجاعة قائلا للقلم ذلك تأويل ما لم تستطع عليه صبرا وهل يفاخر من وقف الموت على بابه وعضت الحرب الضروس بنابه وقذف شياطين القراع بشهبه ومنح آيات شريفة منها طلوع الشمس من غربه ومنها أن الله أنشأ برقه وكان للمارد مصرعا وللرائد مرتعا ( ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا ) فقام القلم في دواته وقعد واضطرب على وجه القرطاس وارتعد وانحرف إلى السيف وقال أيها المضر بطبعه المغر بلمعه الناقض حبل الأنس بقطعه الناسخ بهجره من ظلال العيش فيأ السراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا الحبيس الذي طالما عادت عليه عوائد شره الكمين الإبليس الذي لو أمر لي بالسجود لقال ( خلقتني من نار وخلقته من طين ) فاقطع عنك أسباب المفاخرة واستر من نابك في هذه المكاشره فما يحسن بالصامت محاورة المفصح والله يعلم المفسد من المصلح أولست الذي قيل فيه .
( شيخ يرى الصلوات الخمس نافلة ... ويستحل دم الحجاج في الحرم ) .
فدع عنك هذا الفخر المديد وتأمل قدري إذا كشف عنك الغطاء ( فبصرك اليوم حديد )