من القرينة بمعنى نظيره من الأخرى كان معيبا كقول الصاحب بن عباد يصف منهزمين طاروا واقين بظهورهم صدورهم وبأصلابهم نحورهم فالظهور بمعنى الأصلاب والصدور بمعنى النحور ومنه قول الصابي يسافر رأيه وهو لا يبرح ويسير وهو ثاو لا ينزح ويبرح وينزح بمعنى واحد ويسافر ويسير كذلك .
ومن فوائد الإنشاء التي يطول بها باع المنشىء أن السجع مبني على الوقف وكلمات الأسجاع موضوعة على أن تكون ساكنة الأعجاز موقوفا عليها لأن الغرض أن يجانس المنشىء بين القرائن ويزاوج ولا يتم له ذلك إلا بالوقف إذ لو ظهر الإعراب لفات ذلك الغرض وضاق ذلك المجال على قاصده ألا ترى أنهم لو بينوا الإعراب مثل قولك ما أبعد ما فات وما أقرب ما هو آت للزم أن تكون التاء الأولى مفتوحة والثانية مكسورة منونة فيفوت غرض الاتفاق ومن ذلك أن السجع مبني على التغيير فيجوز أن تغير لفظة الفاصلة لتوافق أختها فيجوز فيها حالة الازدواج ما لا يجوز فيها حالة الانفراد فمن ذلك الإمالة فقد يكون في الفواصل ما هو من ذوات الياء وما هو من ذوات الواو فتمال التي هي من ذوات الواو وتكتب بالياء حملا على ماهو من ذوات الياء لأجل الموافقة نحو قوله تعالى ( والضحى واليل إذا سجى ) أميلت والضحى وكتبت بالياء حملا على ما هي من ذوات الياء لأجل الموافقة وكذلك ( والشمس وضحاها ) أميلت فيها ذوات الواو وكتبت بالياء حملا على ما هي من ذوات الياء ومن ذلك حذف المفعول نحو قوله تعالى ( ما ودعك ربك وما قلى ) الأصل وما قلاك حذفت الكاف لتوافق الفواصل ومن ذلك صرف ما لا ينصرف كقوله تعالى ( قواريرا قواريرا ) صرفه بعض القراء السبعة ليوافق فواصل السورة الكريمة ولو تتبع المتأمل ذلك في الكتاب العزيز لوجده كثيرا .
ومما جاء من الحديث قوله أعيذه من الهامة والسامة ومن كل عين لامة والأصل عين ملمة لأنه من ألم ولكنه لأجل الموافقة قيل لامه ومنه قوله ارجعن مأزورات غير مأجورات الأصل موزروات بالواو لأنه من الوزر ولكن ليوافق مأجورات ومنه قوله دعوا الحبشة ما ودعوكم واتركوا الترك ما تركوكم الأصل ما وادعوكم ولكن حذف الألف ليحصل الاتفاق مع تركوكم