مما قذف بها ورما فلو وازنه القيراطي لثقل في الحقيقة عليه أو حام على حمى ابن أبي حجلة لفر طائرا من بين يديه أو جلا على ابن نباتة سلاف نظمه لم يقل إلي بكاسك الأشهى إلي أو أورى زنده مع الشواء لأحرق قلبه ولم يستحسن منه شيئا أو عاصر ابن الساعاتي لم يلتذ بطيب المنام أو جارى النصير الحمامي لألقى شعره في سرب الحمام أو تقدم لزمان أبي تمام وناظره لعلم الناس أنه غير لبيب وقال له علماء البديع هذا ضدك يا حبيب أو ابن حجاج لأظهر فساد عقله السخيف ورمى بجميع ما قاله في الكنيف فهو أولى منهم بما جره الفضل وجذب وأحق وإن اشتهرت فضائلهم أن يشتهر بالأدب فإنه لو كلف الغريب من القول لأتى به على كنهه أو أقام الاعتذار عن قبيح لقام العذر عما جاء به وذهب على وجهه ولو تصدى لتهجين حسن لزان بما يملأ الطروس من ذلك وشحن أو حاجج بالباطل من يعرب عن الحق لنهض بحجته واستمر يلحن فسبحان من أقدره على ما تقصر عن إدراكه الإفهام وتعجز عن تصوره عقول الأنام .
ولقد استعفاه القلم عن الكتابة خشية من عرض فضائحه وسأله طي هذه الصحيفة خوفا من نشر قيائحه فأبى إلا إظهار المكتوم وفض المختوم فيا خجلتاه لما كتب ويا فضيحتاه إذا لام الفاضل على ما جاء به وعتب ولكنه جرى خلف الجوادين السابقين واقتدى بإمامتهما التي اعترف الآفاق أنها ملأت الخافقين أبقاهما الله مدى الزمان وأسبغ عليهما غطاء الفضل وبلغهما غاية الأماني يوم الخوف والأمان وأمتع بجناب منشئها الأحباب وأقر به أعين الإخوان وبسط به أنفس الأصحاب وألهمنا أجمعين تجنب ما خفي علينا من عوراتنا وكشف حجب قلوبنا بمنه وكرمه .
وبيت الشيخ صفي الدين الحلي .
( ليت المنية حالت دون نصحك لي ... فيستريح كلانا من أذى التهم ) .
هذا البيت ليس له نظير في هذا الباب فإنه اشتمل على الرقة والسهولة والانسجام وما زاده حسنا إلا تقويته بليت التي استعان بها الشاعر في إبهام بيته على زيد الخياط