ومثله قولي .
( وصاحب تسمح لي نفسه ... بغدوة لكن إذا ما انتشا ) .
( يضحك سني للغدا عنده ... لكنني أقلع ضرسي للعشا ) .
فيه على الهزل الذي يراد به الجد زيادة تلطف الاستدراك ومراعاة النظير وكان هذا الصاحب تغمده الله برحمته ورضوانه من أعز الأصحاب علي ولكن التصريح باسمه غير ممكن هنا وبين الهزل الذي يراد به الجد وبين التهكم فرق لطيف وهو أن التهكم ظاهره جد وباطنه هزل وهذا النوع بالعكس .
وبيت الشيخ صفي الدين الحلي في بديعيته .
( أشبعت نفسك من ذمي فهاضك ما ... تلقى وأكثر موت الناس بالتخم ) .
فقوله وأكثر موت الناس بالتخم كناية يهزلون بها على من يفزط في أكل شيء ويخص به نفسه .
وبيت العميان .
( قل للصباح إذا ما لاح نورهم ... إن كان عندك هذا النور فابتسم ) .
لم أر في بيت العميان هذا هزلا يراد به الجد والله أعلم .
وبيت الشيخ عز الدين الموصلي .
( هزل أريد به جد عتابك لي ... كما كتمت بياض الشيب بالكتم ) .
الشيخ عز الدين غفر الله له حكى هنا حكاية لم يسعني الكلام عليها لئلا يطول الشرح .
وبيت بديعيتي .
( والبين هازلني بالجد حين رأى ... دمعي وقال تبرد أنت بالديم ) .
أنظر أيها المتأمل هنا بنور الله تعالى فإن الهزل الذي يراد به الجد أنا ملتزم تسميته وقد استوعب شطر البيت وانظر كيف أفرغت هذا النوع الغريب في أحسن القوالب وأغرب المعاني فإن الدمع تزايد انهماله إلى أن صار كالديم الهاطلة والبين يغبطني بذلك مهازلا ويقول لي تبرد أنت بهذه الديم