الجزار والسراج الوراق والنصير الحمامي والحكيم شمس الدين بن دانيال والقاضي محيي الدين بن عبد الظاهر فهؤلاء هم الفحول الذين جدوا بعد القاضي الفاضل إلى هذه الغاية ورفعوا راية هذا النوع وكان كل منهم عرابة تلك الراية تسابقوا جيادا والديار المصرية لهم حلبة وتلاحقوا أفرادا وهم في شرف هذا الفن من هذه النسبة .
وجاء من شعراء الشام جماعة تأخر عصرهم وتأزر نصرهم ولأن في هذا النوع هصرهم وبعد حصرهم فيما أرادوه كما زاد حصرهم كل ناظم تود الشعرى لو كانت له شعرا ويود الصبح لو كان له طرسا والغسق مدادا والنثرة نثرا منهم شرف الدين عبد العزيز الأنصاري شيخ شيوخ حماة والأمير مجير الدين بن تميم وبدر الدين يوسف بن لؤلؤ الذهبي ومحيي الدين بن قرناص وشمس الدين بن محمد العفيف وسيف الدين بن المشد .
ثم إن الشيخ صلاح الدين قال في آخر هذا الفصل وهؤلاء معهم جماعة يحضرني ذكرهم عند شعرهم ويعز علي أن لم أرهم على تكاثرهم لفوات عصرهم وكأني بقائل يقول لقد أفرطت في التعصب لأهل مصر والشام على من دونهم من الأنام وهذا باطن باطل وعدوان وحمية لأوطانك وما جاورها من البلدان فالجواب إن الكلام في التورية والاستخدام لا غير ومن هنا تنقطع المادة في السير ومن ادعى أنه يأتي بدليل وبرهان فالمقياس بيننا والشقراء والميدان .
وقد رجح صاحب يتيمة الدهر شعراء الشام على شعراء العراق وقال إنهم حازوا قصبات السبق عليهم في حلبة السباق فإنهم قوم جبلت طباعهم على اللطافة وطبعت جبلتهم على الكيس والظرافة .
انتهى كلام الشيخ صلاح الدين الصفدي .
قلت واتصل هذا الحديث القديم بالشيخ جمال الدين بن نباتة فأينع فرعه النباتي بغصنه ووريقه واستعبد التورية والاستخدام في سوق رقية فمن استخداماته ما أرانا من استخدام البحتري عيب الوليد وقلنا بعده في استخدام أبي العلاء ليس على الأعمى حرج فإنه مشى على الحس في ظلمة التعقيد واستخدام الشيخ جمال الدين الموعود به قوله من قصيدة رائية امتدح بها النبي .
( إذا لم تفض عيني العقيق فلا رأت ... منازله بالقرب تبهي وتبهر ) .
( وإن لم تواصل عادت السفح مقلتي ... فلا عادها عيش بمغناه أخضر )