لمن دان لها وأخلد إليها حين ظعنوا عنها لفراق الأبد إلى آخر المسند هل زودتهم إلا السغب وأحلتهم إلا الضنك أو نورت لهم إلا الظلمة أو أعقبتهم إلا الندامة أفهذه تؤثرون أم على هذه تحرصون أم إليها تطمئنون يقول الله جل ذكره ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ) فبئست الدار لمن لم يتهمها ولم يكن فيها على وجل منها .
فاعلموا وأنتم تعلمون أنكم تاركوها لا بد فإنما هي كما وصفها الله باللعب واللهو وقد قال الله تعالى ( أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين ) واتعظوا فيها بالذين قالوا ( من أشد منا قوة ) حملوا إلى قبورهم فلا يدعون ركبانا وأنزلوا الأجداث فلا يدعون ضيفانا وجعل لهم من الصريح أكنان ومن التراب أكفان ومن الرفات جيران فهم حيرة لا يجيبون داعيا ولا يمنعون ضيما ولا يبالون مندبة إن أخصبوا لم يفرحوا وإن قحطوا لم يقنطوا جمع وهم آحاد وجيرة وهم أبعاد متناءون لا يزورون ولا يزارون حلماء قد ذهبت أضغانهم وجهلاء