ذي أبهة فيها قد صيرته حقيرا وذي نخوة قد ردته ذليلا وكم من ذي تاج قد كبته لليدين والفم سلطانها دول وعيشها رنق وعذبها أجاج وحلوها صبر وغذاؤها سمام وأسبابها رمام وقطاعها سلع حبها بعرض موت وصحيحها بعرض سقم ومنيعها بعرض اهتضام مليكها مسلوب وعزيزها مغلوب وسليمها منكوب وجامعها مخروب مع أن وراء ذلك سكرات الموت وهول المطلع والوقوف بين يدي الحكم العدل ( ليجزي الذين أصابوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى ) .
ألستم في مساكن من كان أطول منكم أعمارا وأوضح منكم آثارا وأعد عديدا وأكثف جنودا وأعتد عتادا وأطول عمادا تعبدوا للدنيا أي تعبد وآثروها أي إيثار وظعنوا عنها بالكره والصغار فهل بلغكم أن الدنيا سمحت لهم نفسا بفدية أو أغنت عنهم فيما قد اهلكتهم بخطب بل قد أرهقتهم بالفوادح وضعضعتهم بالنوائب وعقرتهم بالمصائب وقد رأيتم تنكرها