يتجرون لكم تستصفون معايشهم وكدائحهم ورشح جباههم وعليهم المئونة ولكم المنفعة وأمة تنتظر وقائع الله وسطواته في كل يوم وليلة قد ملأ الله قلوبهم رعبا فليس لهم معقل يلجئون إليه ولا مهرب يتقون به قد دهمتهم جنود الله D ونزلت بساحتهم مع رفاغة العيش واستفاضة المال وتتابع البعوث وسد الثغور بإذن الله في العافية الجليلة العامة التي لم تكن هذه الأمة على أحسن منها مذ كان الإسلام والله المحمود مع الفتوح العظام في كل بلد فما عسى أن يبلغ مع هذا شكر الشاكرين وذكر الذاكرين واجتهاد المجتهدين مع هذه النعم التي لا يحصى عددها ولا يقدر قدرها ولا يستطاع أداء حقها إلا بعون الله ورحمته ولطفه فنسأل الله الذي لا إله إلا هو الذي أبلانا هذا أن يرزقنا العمل بطاعته والمسارعة إلى مرضاته فاذكروا عباد الله بلاء الله عندكم واستتموا نعمة الله عليكم وفي مجالسكم مثنى وفرادى فإن الله D قال لموسى ( أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله ) وقال لمحمد ( واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض ) فلو كنتم إذ كنتم مستضعفين محرومين خير الدنيا على شعبة من الحق تؤمنون بها وتستريحون إليها مع المعرفة بالله ودينه وترجون بها الخير فيما بعد الموت لكان ذلك ولكنكم كنتم أشد الناس معيشة وأعظم الناس بالله جهالة فلو كان هذا الذى ابتلاكم به لم يكن معه حظ فى دنياكم غير أنه ثقة لكم في آخرتكم التي إليها المعاد والمنقلب وأنتم من جهد المعيشة على ما كنتم عليه كنتم أحرياء أن تشحوا على نصيبكم منه وأن تظهروه على غيره فبله ما أنه قد جمع لكم فضيلة الدنيا وكرامة الآخرة أو لمن شاء أن يجمع له ذلك منكم فإذكركم الله الحائل بينكم وبين قلوبكم إلا ما عرفتم حق الله