ويستجمع رضا أمته بأمر هو أزين لحاله وأظهر لجماله وأفضل مغبة لأمره وأجل موقعا في قلوب رعيته وأحمد حالا في نفوس أهل ملته ولا أدفع مع ذلك باستجماع الأهواء له وأبلغ في استعطاف القلوب عليه من مرحمة تظهر من فعله ومعدله تنتشر عن أثره ومحبة للخير وأهله وأن يختار المهدى وفقه الله من خيار أهل كل بلدة وفقهاء أهل كل مصر أقواما تسكن العامة إليهم إذا ذكروا وتأنس الرعية بهم إذا وصفوا ثم تسهل لهم عمارة سبل الإحسان وفتح باب المعروف كما قد كان فتح له وسهل عليه .
قال المهدي صدقت ونصحت ثم بعث في ابنه موسى فقال .
67 - مقال المهدي .
أي بني إنك قد أصبحت لسمت وجوه العامة نصبا ولمثنى أعطاف الرعية غاية فحسنتك شاملة وإساءتك نائية وأمرك ظاهر فعليك بتقوى الله وطاعته فاحتمل سخط الناس فيهما ولا تطلب رضاهم بخلافهما فإن الله D كافيك من أسخطه عليك إيثارك رضاه وليس بكافيك من يسخطه عليك إيثارك رضا من سواه ثم اعلم أن لله تعالى في كل زمان فترة من رسله وبقايا من صفوة خلقه وخبايا لنصرة حقه يجدد حبل الإسلام بدعواهم ويشيد أركان الدين بنصرتهم ويتخذ لأولياء دينه أنصارا وعلى إقامة عدله أعوانا يسدون الخلل ويقيمون الميل ويدفعون عن الأرض الفساد وإن أهل خراسان أصبحوا أيدى دولتنا وسيوف دعوتنا الذين نستدفع المكاره بطاعتهم ونستصرف نزول العظائم بمناصحتهم وندافع ريب الزمان بعزائمهم ونراحم ركن الدهر ببصائرهم وهم عماد الأرض إذا أرجف كنفها وخوف الأعداء إذا برزت صفحتها وحصون الرعية إذا تضايقت الحال بها قد مضت لهم وقائع صادقات ومواطن صالحات أخمدت نيران