وتدرع جلباب الفتنة وربض في شق العصا ولكنه يقتل أعلامهم ويأسر قوادهم ويطلب هرابهم في لجج البحار وقلل الجبال وحميل الأودية وبطون الأرض تقتيلا وتغليلا وتنكيلا حتى يدع الدنيا خرابا والنساء أيامي وهذا أمر لا نعرف له في كتبنا وقتا ولا نصحح منه غير ما قلنا تفسيرا وأما موسى ولي عهدي فهذا أوان توجهه إلى خراسان وحلوله بجرجان وما قضى الله له من الشخوص إليها والمقام فيها خير للمسلمين مغبة وله بإذن الله عاقبة من المقام بحيث يغمر في لجج بحورنا ومدافع سيولنا ومجامع أمواجنا فيتصاغر عظيم فضله ويتذاءب مشرق نوره ويتقلل كثير ما هو كائن منه فمن يصحبه من الوزراء ويختار له من الناس .
66 - مقال محمد بن الليث .
قال محمد بن الليث .
أيها المهدي إن ولي عهدك أصبح لأمتك وأهل ملتك علما قد تئنت نحوه أعناقها ومدت سمته أبصارها وقد كان لقرب داره منك ومحل جواره لك عطل الحال غفل الأمر واسع العذر فأما إذا انفرد بنفسه وخلا بنظره وصار إلى تدبيره فإن من شأن العامة أن تتفقد مخارج رأيه وتستنصت لمواقع اثاره وتسأل عن حوادث أحواله في بره ومرحمته وإقساطه ومعدلته وتدبيره وسياسته ووزرائه وأصحابه ثم يكون ما سبق إليهم أغلب الأشياء عليهم وأملك الأمور بهم وألزمها لقلوبهم وأشدها استمالة لرأيهم وعطفا لأهوائهم فلا يفتأ المهدى وفقه الله ناظرا له فيما يقوى عمد مملكته ويسدد أركان ولايته