إلى ذلك إلا بالعقوبة المفرطة والمئونة الشديدة والرأى للمهدى وفقه الله أن لا يقيل عثرتهم ولا يقبل معذرتهم حتى تطأهم الجيوش وتأخذهم السيوف ويستحر بهم القتل ويحدق بهم الموت ويحيط بهم البلاء ويطبق عليهم الذل فإن فعل المهدى بهم ذلك كان مقطعة لكل عادة سوء فيهم وهزيمة لكل بادرة شر منهم واحتمال المهدى في مئونة غزوتهم هذه تضع عنه غزوات كثيرة ونفقات عظيمة .
فقال المهدى قد قال القوم فاحكم يا أبا الفضل .
60 - مقال العباس بن محمد .
فقال العباس بن محمد .
أيها المهدى أما الموالى فأخذوا بفروع الرأى وسلكوا جنبات الصواب وتعدوا أمورا قصر بنظرهم عنها أنه لم تأت تجاربهم عليها وأما الفضل فأشار بالأموال ألا تنفق والجنود ألا تفرق وبأن لا يعطى القوم ما طلبوا ولا يبذل لهم ما سألوا وجاء بأمر بين ذلك استصغارا لأمرهم واستهانة بحربهم وإنما يهيج جسيمات الأمور صغارها .
وأما على فأشار باللين وإفراط الرفق وإذا جرد الوالي لمن غمط أمره وسفه حقه اللين بحتا والخير محضا لم يخلطهما بشدة تعطف القلوب عن لينه ولا بشر يخبسهم إلى خيره فقد ملكهم الخلع لعذرهم ووسع لهم الفرجة لثنى أعناقهم فإن أجابوا دعوته وقبلوا لينه من غير حوف اضطرهم ولا شدة فنزوة في رءوسهم يستدعون بها البلاء إلى أنفسهم ويستصرخون بها رأى المهدى فيهم وإن لم يقبلوا دعوته ويسرعوا لإجابته باللين المحض والخير الصراح فذلك ما عليه الظن بهم والرأى فيهم وما قد يشبه أن يكون من مثلهم لأن الله تعالى خلق الجنة وجعل فيها