قد خان الله فما بالنا لانخونه وقد سجن لنا نفسه فأتمروا بألا يصل إليك من علم أخبار الناس شيء إلا ما أرادوا ولا يخرج لك عامل فيخالف أمرهم إلا قصبوه عندك ونفوه حتى تسقط منزلته ويصغر قدره فلما انتشر ذلك عنك وعنهم أعظمهم الناس وهابوهم فكان أول من صانعهم عمالك بالهدايا والأموال ليقووا بها على ظلم رعيتك ثم فعل ذلك ذوو القدرة والثروة من رعيتك لينالوا به ظلم من دونهم فامتلأت بلاد الله بالطمع بغيا وفسادا وصار هؤلاء القوم شر كاءك في سلطانك وأنت غافل فإن جاء متظلم حيل بينه وبين دخول مدينتك فإن أراد رفع قصته إليك عند ظهورك وجدك قد نهيت عن ذلك وأوقفت للناس رجلا ينظر في مظالمهم فإن جاءك ذلك الرجل فبلغ بطانتك خبره سألوا صاحب المظالم ألا يرفع مظلمته إليك فإن المتظلم منه له بهم حرمة فأجابهم خوفا منهم فلا يزال المظلوم يختلف إليه ويلوذ به ويشكو ويستغيث وهو يدفعه ويعتل عليه فإذا أجهد وأحرج وظهرت صرخ بين يديك فضرب ضربا مبرحا ليكون نكالا لغيره وأنت تنظر فلا تنكر فما بقاء الإسلام على هذا وقد كنت يا أمير المؤمنين أسافر إلى الصين فقدمتها مرة وقد أصيب ملكها بسمعه فبكى يوما بكاء شديدا فحثه جلساؤه على الصبر فقال أما إنى لست أبكى للبلية النازلة بى ولكني أبكي لمظلوم بالباب يصرخ ولا أسمع صوته ثم قال أما إذا ذهب سمعى فإن بصرى لم يذهب نادوا في الناس ألا يلبس ثوبا أحمر متظلم ثم كان يركب الفيل طرفى نهاره وينظر هل يرى مظلوما فهذا يا أمير المؤمنين مشرك بالله غلبت رأفته بالمشركين شح نفسه وأنت مؤمن بالله ثم من أهل بيت نبيه لا تغلب رأفتك بالمسلمين على شح نفسك فإن كنت إنما تجمع المال لولدك فقد أراك الله عبرا في الطفل يسقط من بطن أمه