وبعث أقطاع جذعها وأغصانها كلها فى اللبود وحملها على الجمال إلى الحضرة لينصبها النجارون بين يديه حتى لا يفقد منها أوراقها فأشار عليه جلساؤه بالإضراب عنها وخوفوه عاقبة أمرها وأخبروه بما فى قطعها من الطيرة فكأنهم أغروه بها ولم ينفع السروة شفاعة الشافعين ولم يجد طاهر بدا من امتثال الأمر فيها وانفذ النجارين لقطعها والجمال لحملها .
ويحكى أن أهل الرستاق ضمنوا لطاهر مالا جزيلا على إعفائها من القطع فأبى وقال لو ضمنتم مكان كل درهم دينارا لم أقدر على مخالفة أمر أمير المؤمنين ولما قطعت عظمت المصيبة بها على أهل الناحية وارتفعت ضجاتهم بالبكاء عليها وقالت شعراؤهم فى رثائها ثم عبئت فى اللبود وحملت على ثلاثمائة جمل إلى الحضرة فتفاءل بها على بن الجهم على المتوكل فقال .
( فأل سرى بسبيلة المتوكل ... فالسرو يسرى والمنية تنزل ) .
( ما سربلت إلا لأن إمامنا ... بالسيف من أولاده متسربل ) .
فجرى الأمر على ما تفاءل به وقتل المتوكل قبل وصول السروة إلى حضرته وتذاكر الناس البيتين بعد قتله .
978 - ( شجرة الأترج ) تضرب مثلا لمن طاب أصله وفرعه وكل شىء منه وأول من شبه به الممدوح ابن الرومى فقال وأحسن .
( كل الخلال التى فيكم محاسنكم ... تشابهت منكم الأخلاق والخلق ) .
( كأنكم شجر الأترج طاب معا ... حملا ونورا وطاب الطعم والورق ) .
وقال بديع الزمان الهمذانى .
( فإن يكن شجر الأترج طاب معا ... حملا ونورا وطاب العود والورق ) .
( فإن لون عسيب الكلب خس معا ... قدا وقدرا وخس اللحم والمرق )