فترومها وربما نقلتها وسحبتها وجرتها فإذا أعجزتها بعد ان تبلى عذرا مضت إلى جحرها راجعة فلا يلبث الإنسان أن يراها قد اقبلت وخلفها كالخيط الممدود من الذر حتى يتعاون عليها فيحملنها فأول ذلك صدق الشم لما يشمه الإنسان الجائع ثم بعد الهمة والجرأة على محاولة نقل شئ فى وزن جسمها مائة مرة او أكثر وليس شئ من الحيوان يحمل ضعف وزنه مرارا غيرها على أنها لا ترضى باضعاف الأضعاف إلا بعد انقطاع الأنفاس .
705 - ( جمع الذرة ) قال الجاحظ أما ترون إلى خلق الذرة وما فيها من بديع التأليف ومن الإحساس الصادق والتدابير الحسنة ومن الروية والنظر فى العاقبة والاختيار لكل ما فيه صلاح المعيشة ومع ما فيها من البراهين النيرة والحجج الظاهرة .
وقال فى موضع آخر قد علمنا الذرة تدخر فى الصيف للشتاء وتتقدم فى حالة المهلة ولا تضيع أوقات الفرصة ثم تبلغ من نقدها وصحة تمييزها والنظر فى عواقبها أنها تخاف على الحبوب التى تدخرها للشتاء أن تعفن وتسوس فتنقلها من بطن الأرض إلى ظهرها لتعيد إليها جفافها وليضربها النسيم وينفى عنها الفساد ثم ربما بل فى أكثر الأوقات اختارت ذلك ليلا لأنه أخفى وفى القمر لأنها فيه أبصر فإن كان مكانها نديا وخافت أن ينبت نقرت موضع القطمير من وسط الحبة وهى تعلم أنها من ذلك الموضع تبتدئ تنبت وهى تفلق الحب كله أنصافا وإذا كان الحب من حب الكزبرة