خاطرى بها وانصراف فكرى كله إلى جزالتها وبراعتها وشرف منشدها فلما انتهى إلى هذا البيت .
( واراك تفعل ما تقول وبعضهم ... مذق الحديث يقول مالا يفعل ) .
قال لى إن لهذا البيت قصة مع المنصور واستمر فى إنشاء تمام القصيدة فانتهت مسافة الطريق قبل أن اسأله عن تلك القصة وعرضت موانع عن مذاكرته فيها عند النزول والتمكن ثم وجدتها فى أخبار المنصور وهى أنه لما توفيت امرأة أبى بكر الهذلى وكانت أم ولده والقيمة بأمور منزله جزع عليها جزعا شديدا وبلغ ذلك المنصور فأمر الربيع بان يأتيه ويعزيه ثم يقول له إن أمير المؤمنين موجه إليك بجارية نفيسة لها أدب وظرف تسليك عن زوجك وتقوم بأمور دارك وأمر لك معها بفراش وكسوة وصلة فلم يزل الهذلى يتوقعها ونسيها المنصور ثم أن المنصور حج ومعه الهذلى فقال له وهو بالمدينة إنى احب أن اطوف الليلة فى المدينة فاطلب لى رجلا يعرف منازلها ومساكنها وربوعها وطرقها وأخبارها وأحوالها ليكون معى فيعرفنى جميعها فقال أنا لها يا أمير المؤمنين فلما أرخى الليل سدوله خرج المنصور على حمار يطوف مع الهذلى فى سكك المدينة وهو يسأل عن ربع ربع وسكة سكة وموضع موضع فيخبره لمن هو ولمن كان ويقص عليه قصته والحال فيه ثم قال وهذا يا أمير المؤمنين بيت عاتكة الذى يقول فيه الأحوص .
( يا بيت عاتكة الذى أتعزل .
حذر العدا وبه الفؤاد موكل ) .
فأنكر المنصور ابتداءه بذكر بيت عاتكة من غير أن يسأله عنه فلما رجع إلى منزله أمر القصيدة كلها على قلبه فإذا فيها .
( وأراك تفعل ما نقول وبعضهم ... مذق الحديث يقول مالا يفعل )