كان فيه خير فهمه فكأنه قال له الزم الفرقدين يعني في هروبك على جبل طيء ففهم الإبن ما أراده أبوه وفعل ذلك فنجى .
وكانت علية بنت المهدي تهوى غلاما خادما اسمه طل فحلف الرشيد أن لا تكلمه ولا تذكره في شعرها فاطلع الرشيد يوما عليها وهي تقرأ في آخر سورة البقرة فإن لم يصبها وابل فالذي نهى عنه أمير المؤمنين ومن ذلك قولهم تركت فلانا يأمر وينهي وهو على شرف الموت أي يأمر بالوصية وينهي عن النوح ويقال ما رأيت فلانا أي ما ضربته في رئته ولا كلمته أي ما جرحته فإن الكلوم الجراح وما رأيت ربيعا فالربيع حظ الأرض من الماء والربيع النهر وما رأيت كافرا ولا فاسقا فالكافر السحاب والفاسق الذي تجرد من ثيابه وما رأيت فلانا راكعا ولا ساجدا ولا مصليا فالراكع العاثر الذي كبا لوجهه والساجد المدمن النظر والمصلي الذي يجيء بعد السابق وما أخذت لفلان دجاجة ولا فروجا فالدجاجة الكبة من الغزل والفروجة الدراعة وما أخذت لفلان بقرة ولا ثورا فالبقرة العيال الكثيرة يقال جاء فلان يسوق بقره أي عياله والثور القطعة الكبيرة من الأقط .
وحكي أن معاوية رضي الله تعالى عنه بينما هو جالس في بعض مجالسه وعنده وجوه الناس فيهم الأحنف بن قيس إذ دخل رجل من أهل الشام فقام خطيبا وكان آخر كلامه أن لعن عليا رضي الله تعالى عنه ولعن لاعنه فقال الأحنف يا أمير المؤمنين إن هذا القائل لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين للعنهم فاتق الله يا امير المؤمنين ودع عنك عليا رضي الله تعالى عنه فلقد لقي ربه وأفرد في قبره وخلا بعمله وكان والله المبرور سيفه الطاهر ثوبه العظيمة مصيبته فقال معاوية يا أحنف لقد تكلمت بما تكلمت وأيم الله لتصعدن على المنبر فتلعنه طوعا أو كرها فقال له الأحنف يا امير المؤمنين إن تعفني فهو خير لك وإن تجبرني على ذلك فوالله لا تجري شفتاي به أبدا فقال قم فاصعد قال أما والله لأنصفنك في القول والفعل قال وما أنت