علي قال أتمنى الهنىء والمرئ وهما ضيعتان غلتهما أربعون ألف دينار في كل سنة فأر له بهما فقيل له يا أمير المؤمنين إن هاتين الضيعتين من جلالتهما يجب أن لا يسمح بمثلهما فقا الرشيد لا سبيل إلى استرداد ما أعطيت ولكن احتالوا في شرائهما منه فساوموه فيهما حتى وقفوا معه على مائة ألفه دينار فرضي بذلك فقال الرشيد إدفعوها له فقاولا يا أمير المؤمنين في إخراج مائة ألف دينار من بيت المال طعن ولكن نقطعها له فكان يوصل بخمسة آلاف وثلاثة آلاف حتى استوفاها ومن ذلك ما حكى إسحاق الموصلي قال كان الواثق بن المعتصم أعلم الناس بالغناء وكان يضع الألحان العجيبة فغنيني بها شعره وشعر غيره فقال له يوما يا أبا محمد لقد فقت أهل العصر في كل شيء فغني شعرا أرتاح إليه وأطرب عليه يومي هذا قال اسحاق فغنيته هذه الأبيات .
( ما كنت أعلم ما في البين من حرق ... حتى تنادوا بأن قد جيء بالسفن ) .
( قالت تودعني والدمع يغلبها ... فهمهمت بعض ما قالت ولم تبن ) .
( مالت إلى وضمتني لترشفني ... كما يميل نسيم الريح بالغصن ) .
( وأعرضت ثم قالت وهي باكية ... يا ليت معرفتي إياك لم تكن ) قال فخلع علي خلعة كانت عليه وأمر لي بمائة ألف درهم وقال وغنيته يوما .
( قفي ودعينا يا سعاد بنظرة ... فقد حان منا يا سعاد رحيل ) .
( فيا جنة الدنيا ويا غاية المنى ... ويا سؤال نفسي هل إليك سبيل ) .
( وكنت إذا ما جئت جئت لعلة ... فافنيت علاتي فكيف أقول ) .
( فما كل يوم لي بأرضك حاجة ... ولا كل يوم لي إليك وصول ) فقال والله لا سمعت يومي غيره وألقى علي خلعة من ثيابه وأمر لي بصلة ما أمر لي قبلها بمثلها