إعرابي قد ظهر من البوادي أدعو به لنسخر به فدعاني فسرت إليه ولم يعرفني فغنت إحدى الجاريتين بصوت هو لي فأخطأته الجارية فقلت لها أخطأت يا جارية فضحكت ثم قالت يا أمير المؤمنين ألم تسمع ما يقول هذا الأعرابي يعيب علينا غناءنا ؟ فنظر إلى كالمنكر فقلت يا أمير المؤمنين أنا أبين لك الخطأ فلتصلح وتر كذا ووتر كذا ففعلت وغنت شيئا ما سمع منها إلا في هذا اليوم فقامت الجارية مكبة علي وقالت أستاذي هاشم ورب الكعبة فقال الوليد أهاشم ابن سليمان أنت ؟ قلت نعم يا أمير المؤمنين وكشفت عن وجهي وأقمت معه بقية يومنا فأمر لي بثلاثين ألف درهم فقالت الجارية يا أمير المؤمنين أتأذن لي في بر أستاذي ؟ فقال الوليد ذلك إليك فحلت يا أمير المؤمنين هذا العقد من عنقها ووضعته في عنقي وقالت هو لك ثم قربوا إليه السفينة ليرجع إلى موضعه فركب في السفينة وطلعت معه إحدى الجاريتين وأبتعتها صاحبتي فأردات أن ترفع رجلها وتطلع السفينة فسقطت في الماء فغرقت لوقتها وطلبت فلم يقدر عليها فاشتد جزع الوليد عليها وبكى بكاء شديدا وبكيت أنا عليها أيضا بكاء شديدا فقال لي يا هاشم ما نرجع عليك مما وهبناه لك ولكن نحب أن يكون هذا العقد عندنا نذكرها به فبعني إياه فعوضني عنه ثلاثين ألف درهم فلما وهبتني العقد يا أمير المؤمنين تذكرت قضيته وهذا سبب بكائي فقال الرشيد لا تعجب فإن الله كما ورثنا مكانهم ورثنا أموالهم وقال علي بن سليمان النوفلي غنى دحمان الأشقر عند الرشيد يوما فأنشده .
( إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى لمطايانا برؤياك هاديا ) .
( ذكرتك بالديزين يوما فأشرفت ... بنات الهوى حتى بلغن التراقيا ) .
( إذا ما طواك الدهر يا أم مالك ... فشأن المنايا القاضيات وشانيا ) قال فطرب الرشيد طربا شديدا واستعاده منه مرات ثم قال له