منها فملأ له عرابة رواحله برا وتمرا وأتحفه بتحف غير ذلك فأنشد يقول .
( رأيت عرابة الأوسي يسمو ... إلى الخيرات منقطع القرين ) .
( إذا ما راية رفعت بمجد ... تلقاها عرابة باليمين ) .
واما علو الهمة فهو أصل الرياسة .
فممن علت همته وشرفت نفسه عمارة بن حمزة قيل إنه دخل يوما على المنصور وقعد في مجلسه فقام رجل وقال مظلوم يا أمير المؤمنين قال من ظلمك قال عمارة بن حمزة غصبني ضيعتي فقال المنصور يا عماره قم فاقعد مع خصمك فقال ما هو لي بخصم إن كانت الضيعة له فلست أنازعه فيها وإن كانت لي فقد وهبتها له ولا أقوم من مقام شرفني به أمير المؤمنين ورفعني وأقعدني منه لأجل ضيعة وتحدث السفاح هو وأم سلمة يوما في نزاهة نفس عمارة وكبره فقالت له ادع به وأنا أهب له سبحتي هذه فإن ثمنها خمسون ألف دينار فإن هو قبلها علمنا أنه غير نزه النفس فوجه إليه فحضر فحادثته ساعة ثم رمت إليه بالسبحة وقالت هى من الطرف وهي لك فجعلها عمارة بين يديه ثم قام وتركها فقالت لعله نسيها فبعثت بها إليه مع خادم فقال للخادم هي لك فرجع الخادم فقال قد وهبها لي فأعطت أم سلمت للخادم الف دينار واستعادتها منه وأهدى عبيد الله بن السري إلى عبد الله بن طاهر لما ولى مصر مائة وصيف مع كل وصيف ألف دينار ووجه إليه بذلك ليلا فرده وكتب إليه لو قبلت هديتك ليلا لقبلتها نهارا وما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم كفرحون .
وكان سبب فتح المعتصم عمورية إن امرأة من الثغر سبيت نادت وامحمداه وامعتصماه فبلغه الخبر فركب لوقته وتبعه الجيش فلما فتحها قال لبيك أيتها المنادية وكان سعيد بن عمرو بن العاص ذا نخوة وهمة قيل له في مرضه إن المريض يستريح إلى الأنين وإلى شرح ما به إلى الطبيب فقال أما الأثنين فهو جزع وعار والله