استعملنا العدل استغنينا به عن الشجاعة ويقال عدل السلطان أنفع من خصب الزمان وقيل إذا رغب السلطان عن العدل رغبت الرعية عن طاعته وكتب بعض عمال عمر بن عبد العزيز Bه يشكو إليه من خراب مدينته ويسأله مالا يرمها به فكتب إليه عمر قد فهمت كتابك فإذا قرأت كتابي فحصن مدينتك بالعدل ونق طرقها من الظلم فإنه مرمتها والسلام ويقال إن الحاصل من خراج سواد العراق في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب Bه كان مائة ألف ألف وسبعة وثلاثين ألف ألف فلم يزل يتناقص حتى صار في زمن الحجاج ثمانية عشر ألف ألف فلما ولي عمر بن عبد العزيز Bه ارتفع في السنة الأولى إلى ثلاثين ألف ألف وفي الثانية إلى ستين ألف ألف وقيل أكثر وقال إن عشت لأبلغنه إلى ما كان في أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب Bه فمات في تلك السنة ومن كلام كسرى لا ملك إلا بالجند ولا جند إلا بالمال ولا مال إلا بالبلاد ولا بلاد إلا بالرعايا ولا رعايا الا بالعدل .
ولما مات سلمة بن سعيد كان عليه ديون للناس ولأمير المؤمنين المنصور فكتب المنصور لعامله استوف لأمير المؤمنين حقه وفرق ما بقي بين الغرماء فلم يلتفت الى كتابه وضرب للمنصور بسهم من المال كما ضرب لأحد الغرماء ثم كتب للمنصور إني رأيت أمير المؤمنين كاحد الغرماء فكتب إليه المنصور ملئت الأرض بك عدلا وكان أحمد بن طولون والي مصر متحليا بالعدل مع تجبره وسفكه للدماء وكان يجلس للمظالم وينصف المظلوم من الظالم .
حكى أن ولده العباس استدعي بمغنية وهو يصطبح يوما فلقيها بعض صالحي مصر ومعها غلام يحمل عودها فكسره فدخل العباس إليه وأخبره بذلك فأمر باحضار ذلك الرجل الصالح فلما أحضر اليه قال أنت الذي كسرت العود قال نعم قال أفعلت لمن هو قال نعم هو لابنك العباس قال أفما أكرمته لي قال أكرمه لك بمعصية الله D والله تعالى يقول ( والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء