ومن كلام الحكماء من أيقن أن الرزق الذي قسم له لا يفوته تعجل الراحة ومن أعلم أن الذي قضى عليه لم يكن ليخطئه فقد استراح من الجزع ومن علم أن مولاه خير له من العبادة فقصده كفاه همه وجمع شمله وفي الحديث عن ابن عباس Bهما قال كنت عند النبي يوما فقال يا غلام إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن تنفعك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعت على أن تضرك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الصحف وجفت الأقلام .
ورفع إلى الرشيد أن بدمشق رجلا من بني أمية عظيم المال والجاه كثير الخيل والجند يخشى على المملكة منه وكان الرشيد يومئذ بالكوفة قال منارة خادم الرشيد فاستدعاني الرشيد وقال اركب الساعة إلى دمشق وخذ معك مائة غلام وائتني بفلان الأموي وهذا كتابي إلى العامل لا توصله له إلا إذا امتنع عليك فإذا أجاب فقيده وعادله بعد أن تحصي جميع ما تراه وما يتكلم به واذكر لي حاله ومآله وقد أجلتك لذهابك ستا ولمجيئك ستا ولإقامتك يوما أفهمت قلت نعم قال فسر على بركة الله فخرجت أطوي المنازل ليلا ونهارا لا أنزل إلا للصلاة أو لقضاء حاجة حتى وصلت ليلة السابع باب دمشق فلما فتح الباب دخلت قاصدا نحو دار الأموي فإذا هي دار عظيمة هائلة ونعمة طائلة وخدم وحشم وهيبة ظاهرة وحشمة وافرة ومصاطب متسعة وغلمان فيها جلوس فهجمت على الدار بغير إذن فبهتوا وسألوا عني فقيل لهم إن هذا رسول أمير المؤمنين فلما صرت في وسط الدار رأيت أقواما محتشمين فظننت أن المطلوب فيهم فسألت عنه فقيل لي هو في الحمام فأكرموني وأجلسوني وأمروا بمن معي ومن صحبني إلى مكان آخر وأنا أنتقد الدار وأتأمل الأحوال حتى أقبل الرجل من الحمام ومعه جماعة كثيرة من كهول وشبان وحفدة وغلمان فسلم علي وسألني عن أمير المؤمنين فأخبرته وأنه بعافية فحمد الله تعالى ثم أحضرت له اطباق الفاكهة فقال