كوزا جديدا وملأته ماء وقالت للمتناول منها اعذرونا فأخذ الأمير الكوز وشرب منه فاستطاب الشرب من ذلك الماء فقال هذه الدار لأمير فقالوا لا والله بل لعبد من عباد الله الصالحين يعرف بحاتم الأصم فقال الأمير لقد سمعت به فقال الوزير يا سيدي لقد سمعت أنه البارحة أحرم بالحج وسافر ولم يخلف لعياله شيئا وأخبرت أنهم البارحة باتوا جياعا فقال الأمير ونحن أيضا قد ثقلنا عليهم اليوم وليس من المروءة أن يثقل مثلنا على مثلهم ثم حل الأمير منطقته من وسطه ورمى بها في الدار ثم قال لأصحابه من أحبني فليلق منطقته فحل جميع أصحابه مناطقهم ورموا بها إليهم ثم انصرفوا فقال الوزير السلام عليكم أهل البيت لآتينكم الساعة بثمن هذه المناطق فلما أنزل الأمير رجع إليهم الوزير ودفع إليهم ثمن المناطق مالا جزيلا واستردها منهم فلما رأت الصبية الصغيرة ذلك بكت بكاء شديدا فقالوا لها ما هذا البكاء إنما يجب أن تفرحي فإن الله قد وسع علينا فقالت يا ام والله إنما بكائي كيف بتنا البارحة جياعا فنظر إلينا مخلوق نظرة واحدة فأغنانا بعد فقرنا فالكريم الخالق إذا نظر إلينا لا يكلنا إلى أحد طرفة عين اللهم انظر إلى أبينا ودبره بأحسن التدبير هذا ما كان من امرهم .
وأما ما كان من امر حاتم أبيهم فإنه لما خرج محرما ولحق بالقوم توجع أمير الركب فطلبوا له طبيبا فلم يجدوا فقال هل من عبد صالح فدل على حاتم فلما دخل عليه وكلمه دعا له فعوفي الأمير من وقته فأمر له بما يركب وما يأكل وما يشرب فنام تلك الليلة مفكرا في أمر عياله فقيل له في منامه يا حاتم من أصلح معاملته معنا أصلحنا معاملتنا معه ثم أخبر بما كان من امر عياله فأكثر الثناء على الله تعالى فلما قضى حجه ورجع تلقته أولاده فعانق الصبية الصغيرة وبكى ثم قال صغار قوم كبار قوم آخرين إن الله لا ينظر إلى أكبركم ولكن ينظر إلى اعرفكم به فعليكم بمعرفته والاتكال عليه فإنه من توكل على الله فهو حسبه