البحر لأجدك أو أجد من يخبرني عنك فوقفت ذات يوم إلى الشط وإذا بالخشبة قد استندت إلي ولم أر لها طالبا فأخذها الغلام ليجعلها حطبا فلما كسرها وجد ما فيها فأخبرني بذلك فقرأت ما عليها فعلمت أن الله تعالى حقق أملك لما توكلت عليه حق التوكل وقيل إن سبب بداية ذي النون المصري C تعالى أنه رأى طيرا أعمى بعيدا عن الماء والمرعى فبينما هو يتفكر في أمر ذلك الطائر فإذا هو بسكرجتين برزتا من الأرض إحداهما ذهب والأخرى فضة هذه فيها ماء والأخرى فيها قمح فلقط القملبح وشرب الماء ثم غابا بعد ذلك فذهل ذو النون وانقطع إلى الله تعالى من ذلك الوقت .
وحكي أن رجلا من أبناء الناس كانت له يد في صناعة الصياغة وكان أوحد أهل زمانه فساء حاله وافتقر بعد غناء فكره الإقامة في بلده فانتقل إلى بلد آخر فسأل عن سوق الصاغة فوجد دكانا لمعلم السلطنة وتحت يده صناع كثيرة يعملون الأشغال للسلطنة وله سعادة ظاهرة ما بين مماليك وخدم وقماش وغير ذلك فتوصل الصائغ الغريب إلى أن بقي من أحد الصناع الذين في دكان هذا المعلم وأقام يعمل عنده مدة وكلما فرغ النهار دفع له درهمين من فضة وتكون أجرة عمله تساوي عشرة دراهم فيكسب عليه ثمانية دراهم في كل يوم فاتفق أن الملك طلب المعلم وناوله فردة سوار من ذهب مرصعة بفصوص في غاية من الحسن قد علمت في غير بلاده كانت في يد إحدى محاظيه فانكسرت فقال له إلحمها فأخذها المعلم وقد اضطرب عليه في عملها فلما أخذها وأراها للصناع الذين عنده وعند غيره فما قال له أحد إنه يقدر على عملها فازداد المعلم لذلك غما ومضت مدة وهي عنده لا يعلم ما يصنع فاشتد الملك على إحضارها وقال هذا المعلم نال من جهتنا هذه النعمة العظيمة ولا يحسن أن يلحم سوارا فلما رأى الصانع الغريب شدة ما نال المعلم قال في نفسه هذا وقت المروءة اعملها ولا أؤاخذه ببخله علي وعدم إنصافه ولعله يسحن إلي بعد ذلك فحط يده في درج المعلم وأخذها وفك جواهرها وسبكها ثم صاغها كما كانت ونظم علهيا جواهرها فعادت أحسن مما كانت فلما رآها المعلم فرح