الحوادث إلى غير الله وقد أمرنا بالكسب والتسبب ألا ترى أن الله قال لمريم عليها السلام وهزي إليك بجذع النخلة فهلا أمرها بالسكون وحمل الرطب إلى فمها وأنشدوا في ذلك .
( ألم تر أن الله قال لمريم ... وهزي إليك الجذع يساقط الرطب ) .
( ولو شاء أن تجنيه من غير هزها ... جنته ولكن كل شيء له سبب ) وقد تقدم هذا الشعر في باب الكسب والتسبب ولهذا قال رسول الله " لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا فلم يحمل أرزاقها إليها في أوكارها بل ألهمها طلبه بالغدو والرواح " وقد جمعوا بين الطلب والقدر فقالوا إنهما كالعدلين على ظهر الدابة أن أحمل في واحد منهما أرجح مما في الآخر سقط حمله وتعب ظهره وثقل عليه سفره وإن عادل بينهما سلم ظهره ونجح سفره وتمت بغيته وضربوا فيه مثالا عجيبا فقالوا إن أعمى ومقعدا كانا في قرية بفقر وضر لا قائد للأعمى ولا حامل للمقعد وكان في القرية رجل يطعمهما قوتهما في كل يوم احتسابا لله تعالى فلم يزالا بنعمة إلى أن هلك ذلك الرجل فلبثا أياما واشتد جوعهما وبلغ الضر منهما جهده فأجمع رأيهما على أن الأعمى يحمل المقعد فيدله المقعد على الطريق ببصره فاشتغل الأعمى بحمل المقعد ويدور به ويرشده إلى الطريق وأهل القرية يتصدقون عليهما فنجح أمرهما ولولا ذلك لهلكا فكذلك القدر سببه الطلب والطلب سببه القدر وكل واحد منهما معين لصاحبه ألا ترى أن من طلب الرزق والولد ثم قعد في بيته لم يطأ زوجته ولم يبذر أرضه معتمدا في ذلك على الله واثقا به أن تلد امرأته من غير مواقعة وأن ينبت الزرع من غير بذر كان عن المعقول خارجا ولأمر الله كارها قال الغزالي أما المعيل فلا يخرج عن حد التوكل بادخار قوت سنة لعياله جبرا لضعفهم وتسكينا لقلوبهم وقد أدخر رسول الله قوت