النوع التاسع والأربعون .
معرفة الشعر والشعراء .
قال ابن فارس في فقه اللغة : الشعرُ كلام موزونٌ مقفّى دالّ على معنى ويكون أكثرَ من بيت .
وإنما قلنا هذا لأنه جائز اتفاق سطر واحد بوزن يشبه وزن الشعر عن غير قصد فقد قيل : إنَّ بعض الناس كَتَبَ في عُنوان كتاب : .
( للإمام المسيّب بن زُهَيْرٍ ... من عقَال بن شَبَّة بن عقال ) فاستوى هذا في الوزن الذي يسمى " الخفيف " ولعل الكاتب لم يقصد به شعراً .
وقد ذكر نَاسٌ في هذا كلمات من كتاب الله تعالى : كَرهْنَا ذكْرَها وقد نزّه الله سبحانه كتابَه عن شَبَه الشعر كما نَزَّه نبيه قوله .
فإن قال قائل : فما الحكمةُ في تنزيه الله تعالى نَبيّه عن الشعر قيل له : أولُ ما في ذلك حكم الله تعالى بأنَّ ( الشُّعَرَاءَ يَتَّبعُهُمُ الْغَاوُونَ ) وأنَّهُمْ ( في كُلّ وَادٍ يَهيمُونَ وأنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ) .
( ثم قال : ( إلاَّ الذين آمَنُوا وَعَملُوا الصَّالحَات ) ورسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وإن كان أفضل المؤمنين إيماناً وأكثر الصالحين عملاً للصالحات ) فلم يكن ينبغي له الشّعر بحال لأن للشعر شرائط لا يُسمَّى الإنسان بغيرها شاعراً وذلك أن إنساناً لو عمل كلاماً مستقيماً موزوناً يتحرَّى فيه الصدق من غير أن يُفْرط أو يتعدى أو يَمين أو يأتي فيه بأشياء لا يمكن كونها بَتَّة لما سماه الناس شاعراً ولكان ما يقوله مَخْسولاً ساقطاً