وهجا هو ابنَ دُرَيد بقوله : - من مجزوء الرجز - .
( ابنُ دُرَيْدٍ بَقَرَه ... وفيه عيّ وَشَرَه ) .
( وَيَدَّعي منْ حُمْقه ... وَضْعَ كتَاب الْجَمْهَرَه ) .
( وهو كتابُ الْعَيْن ... إلاَّ أَنَّهُ قدْ غَيَّرَه ) .
وقد تقرّر في علم الحديث أنَّ كلامَ الأقران في بعضهم لا يقدح .
وقال بعضهم : أمْلَى ابنُ دُرَيْد الجمهرَة في فارس ثم أَمْلاها بالبَصْرة وببَغْداد منْ حفْظه ولم يستَعنْ عليها بالنظر في شيءٍ من الكُتُب إلاَّ في الهَمزة واللفيف فلذلك تختلف النسخ والنُّسْخَة المعوَّل عليها هي الأخيرة وآخرُ ما صحَّ نسخة عبيد اللّه بن أحمد جَخْجَخْ لأنه كتبها من عدَّة نسخ وقَرَأَها عليه .
قلت : ظَفرْتُ بنسخة منها بخطّ أبي النمر أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الطرابلسي اللُّغوي وقد قرأها على ابن خالويه بروايته لها عن ابن دُرَيد وكتب عليها حواشي من استدراك ابن خالويه على مواضع منها ونبَّه على بعض أوهامٍ وتصحيفات .
وقال بعضهم : كان لأبي عليّ القالي نسخةٌ من الجمهرة بخطّ مؤلفها وكان قد أُعْطي بها ثلاثمائة مثقال فأبى فاشتدَّت به الحاجةُ فباعها بأربعين مثقالاً وكتبَ عليها هذه الأبيات : - من الطويل - .
( أَنسْتُ بها عشرين عاماً وبعتُها ... وقد طال وَجْدي بعدَها وحَنيني ) .
( وما كان ظنّي أنني سأبيعها ... ولو خَلَّدَتْني في السجون دُيوني ) .
( ولكن لعَجْزٍ وافتقارٍ وصبْيَة ... صغارٍ عليهم تستهلّ شؤوني ) .
( فقلت - ولم أملك سوابقَ عَبْرتي ... مقالةَ مكوى الفؤاد حَزين ) .
( وقد تُخْرجُ الحاجاتُ - يا أم مالك - ... كرائمَ من ربٍّ بهنَّ ضَنين ) .
قال : فأَرْسَلها الذي اشتراها وأرسل معها أربعين ديناراً أُخْرى رحمهم اللّه