هذا لفظُنا نصّاً وقد وافقْنا بذلك مقالةَ أبي العباس أحمد بن يحيى ثَعْلب قبل أن نُطالعَها أو نسمعَ بها حتى ألفيناها بخطّ الصّولي في ذكر فضائل الخليل .
قال الصولي : سمعتُ أبا العباس ثعلباً يقول : إنما وقع الغلطُ في كتاب العين لأنَّ الخليل رسَمهُ ولم يحشه ولو أن الخليل هو حشاه ما بقّى فيه شيئاً لأن الخليلَ رجلٌ لم يُرَ مثلُه .
قال : وقد حَشَا الكتاب قومٌ علماء إلاّ أنه لم يُؤْخذ عنهم رواية إنما وُجد بنقل الورَّاقين فلذلك اختلَّ الكتاب .
ومن الدليل على ما ذكره أبو العبّاس من زيادات الناس فيه اختلافُ نُسَخه واضطرابُ رواياته إلى ما وقع فيه من الحكايات عن المتأخّرين والاستشهاد بالمرذول من اشعار المُحْدَثين فهذا كتابُ ابنُ مُنذر بن سعيد القاضي الذي كتبه بالقَيْروَان وقابلَه بمصر بكتاب ابن وَلاّد وكتابُ ابن ثابت المُنتسَخ بمكّة قد طالعناهما فألفينا في كثير من أبوابهما : أخبرنا المسعريّ عن أبي عُبيد وفي بعضها : قال ابنُ الأعرابيّ وقال الأصمعي هل يجوزُ أن يكون الخليل يروي عن الأصمعي وابن الأعرابي أو ابي عُبيد فضلاً عن المسعري وكيف يروي الخليلُ عن أبي عبيد وقد تُوفّيَ الخليل سنة سبعين ومائة وفي بعض الروايات سنة خمس وسبعين ومائة وأبو عبيد يومئذ ابنُ ست عشرة سنة .
وعلى الرواية الأخرى ابنُ إحدى وعشرين لأنَّ مَوْلد أبي عبيد سنة أربع وخمسين ومائة ووفاتَه سنة أربع وعشرين ومائتين ولا يجوز أن يُسْمَع عن المسعري علُم أبي عُبيد إلاّ بعد مَوْته وكذلك كان سماعُ الخُشَني منه سنة سبع وأربعين ومائتين فكيف يُسْمَع الموتى في حال مَوْتهم أو يَنْقُلُون عمّن وُلد من بعدهم .
وحدّثنا إسماعيل بن القاسم البغدادي - وهو أبو عليّ القالي - قال لما وَرَدَ كتابُ العَين من بلد خُراسان في زمن أبي حاتم أنكره أبو حاتم وأصحابه أشدّ الإنكار ودفعَهُ بأبْلَغ الدَّفع وكيف لا ينكرُهُ أبو حاتم على أن يكون بريئاً من الخَلَل سليماً من الزَّلل وقد غَبر أصحابُ الخَليل بعدُ مدةً طويلة لا يعرفون هذا الكتابَ ولا يَسمعون به منهم النَّضر بن شُميل ومُؤَرّج ونصر بن علي وأبو الحسن