وذلك أن الفعل الذي لا يتعدَّى فاعله إذا احْتيجَ إلى تعديته لم تَجُزْ تعديَتُه على لَفْظه الذي هو عليه حتى يُغيَّر إلى لفظٍ آخر بأن يزاد في أوَّله الهمزة أو يوصلَ به حَرْف جرّ بعد تمامَهليستدلَّ السامعُ على اختلاف المعنيينإلا أنه ربما كثُرَ استعمالُ بعض هذا الباب في كلام العَرب حتى يُحاولوا تخفيفه فحذفوا حرفَ الجرّ منه فيعرف بطول العادة وكثْرَة الاستعمال وثبوت المفعول وإعرابه فيه خالياً عن الجار المحذوف أو يُشَبَّه الفعل بفعلٍ آخر متَعدٍّ على غير لفظهف يجري مَجْراه لاتّفاقهما في المعنى كقولهم : حَبست الدابة وحبستُ مالاً على المساكين .
وقد استقصينا شرح ذلك كله في كتاب ( فعلت وأفعلت ) بحُجَجه ورواية أقاويل العلماء فيه وذكْر علَله والقياس فيه .
وقال في موضوع آخرٍ : أهلُ اللغة أو عامتُهم يزعمون أن ( فعل وأفعل ) بهمزة وبغير همزة قد يجيئان لمعنًى واحد وأن قولهم : دير بي وأُدير بي من ذلك .
وهو قول فاسد في القياس والعقل مخالفٌ للحكمة والصَواب ولا يَجوز أن يكون لفظان مختلفان لمعنًى واحد إلا أن يجيء أحدُهما في لغة قومٍ والآخر في لغة غيرهم كما يجيء في لغة العرب والعَجم أو في لغة روميَّة ولغة هنديّة .
وقد ذكر ثعلب أن أُدير لغة فأصاب في ذلك وخالف من يَزْعُم أن فَعَلْت وأفْعَلت بمعنى واحد والأصل في هذا قد دُرْت وهو الفعل اللازم ثم يُنْقل إما بالباء وإما بالألف فيقال : قد دير بي أو أدَرْت فهذا القياس .
ثم جيء بالباء مع الألف فقيل : قد أُدير بي .
كما قيل قد أُسْري بي على لغة من قال أسْرى في معنى سَرى لأن إدخال الألف في أول الفعل والباء في آخره للنّقْل خطأ إلا أن يكون قد نقل مرتين إحداهما بالألف والأخرى بالباء .
النوع السادس والعشرون .
معرفة الأضداد .
هو نوع من المشترك .
قال أهلُ الأصول : مَفْهُوما اللَّفْظ المشترك إما أن يَتَباينا بأن لا يُمْكن اجتماعُهما في الصّدق على شيء واحد كالحيْض والطُّهْر فإنهما مدلولا القُرْء لا