نخترع ولا أن نقول غيرَ ما قالوه ولا أن نقيس قياساً يقيسوهلأن في ذلك فساد اللغة وبُطلانَ حقائقها .
قال : ونكتةُ الباب أن اللغة لا تُؤْخذ قياساً نقيسه الآن نحن .
انتهى كلام ابن فارس .
وقال ابن دحية في التنوير : الاشتقاقُ من أغْرَب كلام العرب وهو ثابت عن اللّه تعالى بنَقْل العُدول عن رسول اللّه لأنه أُوتي جَوامعَ الكَلم وهي جمعُ المعاني الكثيرة في الألفاظ القليلةفمن ذلك قوله فيما صح عنه : يقولُ اللّه : ( أنا الرحمن خلقتُ الرُّحم وشققت لها من اسمي ) .
وغير ذلك من الأحاديث .
وقال في شرح التسهيل : الاشتقاقُ أخْذُ صيغةٍ من أخرى مع اتفاقهما معنًى ومادةً أصلية وهيئةً تركيب لهالَيدلّ بالثانية على معنى الأصل بزيادة مفيدة لأجلها اختلفا حروفاً أو هيئةكضارب من ضرب وحَذرٌ من حَذر .
وطريقُ معرفته تقليبُ تصاريف الكلمة حتى يرجع منها إلى صيغة هي أصل الصّيغ دلالة اطراد أو حروفاً غالباًكَضرب فإنه دال على مُطلق الضرب فقط أما ضارب ومضروب ويَضْرب واضْرب فكلُّها أكثرُ دلالة وأكثرُ حروفاًوضرَب الماضي مساوٍ حروفاَ وأكثر دلالة وكلها مشتركة في ( ض ر ب ) وفي هيئة تركيبها وهذا هو الاشتقاق الأصْغر المحتجُّ به .
وأما الأكبرُ فيحفظ فيه المادّة دون الهيئة فيجعل ( ق و ل ) و ( و ل ق ) و ( و ق ل ) و ( ل ق و ) وتقاليبها الستة بمعنى الخفّة والسرعة .
وهذا مما ابتدعه الإمامُ أبو الفتح ابن جنّي وكان شيخه أبو علي الفارسي يأنس به يسيراًوليس معتَمداً في اللغة ولا يصحّ أن يُستنبط به اشتقاق في لغة العربوإنما جعله أبو الفتح بياناً لقوة ساعده وردّه المختلفات إلى قَدْرٍ مشترك مع اعترافه وعلْمه بأنه ليس هو موضوع تلك الصّيغ وأن تراكيبها تفيد أجناساً من المعاني مغايرةً للقَدْر المشتركوسببُ إهمال العرب وعدم التفات المتقدمين إلى معانيه أن الحروف قليلةٌوأنواع المعاني المتفاهمة لا تكادُ تتناهىفخصُّوا كلّ تركيب بنوع منهاليفيدوا بالتراكيب والهيئات أنواعاً كثيرةولو اقتصروا على تغاير الموادّ حتى لا يدلّوا على معنى