لشيءٍ من الأمم إلا للعرب وهي من مفاخرها والكُنية إعظام وما كان يُؤْهَل لها إلا ذو الشرف من قومهم قال : - من البسيط - .
( أكْنيه حين أُناديه لأكْرمَه ... ولا ألقّبه والسوءة اللَّقب ) .
والذي دعاهم إلى التكنية الإجلال عن التصريح بالاسم بالكناية عنه ونظيرهُ العدولُ عن فعلٍ إلى فعل في نحو قوله : ( وغيض الماء وقضي الأمر ) .
ومعنى كَنَيْتُه بكذا : سمّيتُه به على قَصْد الإخفاء والتورية ثم ترقَّوْا عن الكُنَى إلى الألقاب الحسنة فقلَّ من المشاهير في الجاهلية والإسلام مَنْ ليس له لقب إلا أن ذلك ليس خاصّاً بالعرب فلم تزل الألقابُ في الأمم كلّها من العرب والعجم .
خاتمة : - قال المطرّزي في شرح المقامات : كان يقال : اختصَّ اللّهُ العرب بأربع : العمائمُ تيجانها والحبا حيطانها والسيوف سيجانها والشعر ديوانها .
قال : وإنما قيل : الشعرُ ديوان العربلأنهم كانوا يرجعون إليه عند اختلافهم في الأنساب والحروب ولأنه مستودعُ علومهم وحافظُ آدابهم ومعدنُ أخبارهمولهذا قيل - من البسيط - .
( الشعرُ يحفظ ما أودى الزمانُ به ... والشعرُ أفخر ما يُنْبي عن الكرم ) .
( لولا مقال زهير في قصائده ... ما كنت تعرف جوداً كان في هَرم ) .
وأخرج ابنُ النجار في تاريخه من طريق إبراهيم بن المنذر .
قال : حدثني أبو سعيد المكي عمَّن حدّثه عن ابن عباس : أنه دخل على معاوية وعنده عمرو بن العاص فقال عمرو : إنَّ قريشاً تزعمُ أنك أعلمُهافلم سمَّيَت قريشٌ قريشاًقال : بأمرٍ بيّنٍ .
قال : فسّرْه لنا .
ففسَّره قال : هل قال أحدٌ فيه شعراًقال : نعم .
قال : سمّيت قريش بدابّة في البحر .
وقد قال المشمرج بن عمرو الحميري : - من الخفيف - .
( وقُرَيشٌ هي التي تَسْكُنَ البَحْرَ ... بها سُمّيت قُرَيشٌ قُرَيْشا )