( إنْ يَسْمَعُوا رِيبَةً طَارُوا بَهَا فَرَحاً ... عَنِّي وَمَا سَمِعُوا مِنْ صَالحٍ دَفَنُوا ) .
إلا أن الذي ذكرته ضد هذا المعنى وقد يستخرج المعنى من ضده .
وهو أحسن مما يستخرج من نفسه .
ومن هذا قولي أيضا وهو ليس الصديق من صرى أخلاف وده وغش في صفقة عهده بل الصديق من لا ترد سلعة وده بإقالة ولا عيب ولا تخص محافظة إخائه بشهادة دون غيب فذلك أخي من غير نسب وكنزي من غير نشب .
وهذا مأخوذ من الفقه في تصرية ضرع الشاة عند البيع وذلك يوجب الرد .
ومما ينتظم بهذا السلك قولي وهو الانتقال عن خلة الوداد كالانتقال عن نسب الميلاد وكما يحرم هذا في نص الحكم المشروع فكذا يحرم هذا في خلق الكرم المطبوع على أن نسب الخلة الذي ينميه القلب إلى القلب أوصل من نسب الرحم الذي ينميه الابن إلى الأب ولهذا كانت مودة سلمان قربى ونسب أبي لهب سبا وتبا .
وبعض هذا مأخوذ من شعر أبي نواس وهو .
( كَانَتْ مَوَدَّةُ سَلْمَان لهُ نَسَباً ... وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ نُوحٍ وَابنِهِ رَحمُ ) .
ومن ذلك ما ذكرته في وصف الديار وهو دار كانت مقاصر جنة فأصبحت وهي ملاعب جنة ولقد عميت أخبار قطانها وأنشاز أوطانها حتى شابهت إحداهما في الخفاء الأخرى في العفاء وكنت أظن أنها لا تسقى بعدهم بغمام ولا يرفع عنها جلباب ظلام غير أن السحاب بكاهم فجرت بها سوافح دموعه والليل شق عليهم ثوبه فظهر الصباح من خلال صدوعه