( مَا زِلْتُ مُنْتَظِراً أُعْجُوبَةً زَمَناً ... حَتَّى رَأَيْتُ سُؤَالاً يَجْتَنِي شَرَفا ) فأمية بن أبي الصلت أتى بمعنيين اثنين أحدهما أن عطاءك زين والآخر أن عطاء غيرك شين وأما أبو تمام فإنه أتى بالمعنى الأول لا غير .
ومن هذا الضرب قول علي بن جبلة .
( وآثل ما لم يَحْوِهِ مُتَقَدِّمٌ ... وَإِنْ نَالَ مِنْهُ آخر فَهْوَ تَابِعُ ) فقال أبو الطيب المتنبي .
( تَرَفَّعَ عَنْ عَوْنِ المَكَارِمِ قَدْرُهُ ... فَمَا يَفْعَلُ الْفَعْلاَتِ إلاَّ عَذَارِيَا ) فعلي بن جبلة اشتمل ما قاله على معنيين أحدهما أنه فعل ما لم يفعله أحد ممن تقدمه وإن نال منه الآخر شيئا فإنما هو مقتد به وتابع له وأما أبو الطيب المتنبي فإنه لم يأت إلا بالمعنى الواحد وهو أنه يفعل ما لا يفعله غيره غير أنه أبرزه في صورة حسنة .
ومن ذلك قول أبي تمام .
( كَلِفٌ بِرَبِّ المَجْدِ يَعْلَمُ أَنَّهُ ... لَمْ يُبْتَدَأْ عُرْفُُ إذَا لَمْ يُتْمَمِ ) فقال البحتري .
( وَمِثْلُكَ إِنْ أَبْدَى الْفَعَالَ أَعَادَهُ ... وَإِنْ صَنَعَ الْمَعْرُوفَ زَادَ وَتمَّمَا ) فأبو تمام قال إن الممدوح يرب صنيعه أي يستديمه ويعلم أنه إذا لم يستدمه فمما ابتدأه والبحتري قال إنه يستديم صنيعه لاغير وذلك بعض ما ذكره أبو تمام