وكذلك فعل أبو الطيب المتنبيفمما جاء منه قوله .
( فَدَى نَفْسَهُ بِضَمَانِ النُّضَارِ ... وَأَعْطَى صُدُورَ الْقَنَا الذَّابِلِ ) أخذه من قول الفرزدق .
( كَانَ الْفِدَاءَ لَهُ صُدُورُ رِمَاحِنَا ... وَالْخَيْلُ إِذْ رَهَجُ الْغُبَارِ مُثارُ ) وكذلك قوله أيضا .
( أَيْنَ أَزْمَعْتَ أَيُّهَذا الْهُمَامُ ... نَحْنُ نَبْتُ الرُّبَا وَأَنْتَ الْغَمَامُ ) أخذه من بشار حيث قال .
( كَأَنَّ النَّاسَ حِينَ تَغيبُ عَنْهُمْ ... نَبَاتُ الأَرْضِ أَخْطَأَهُ الْقَطَارُ ) وكذلك قوله .
( فَلا زَالَتْ دِيَارُكَ مُشْرِقَاتٍ ... وَلا دَانَيْت يَا شَمْسُ الْغُروبَا ) .
( لأُصْبِحَ آمِناً فِيكَ الرَّزايَا ... كَمَا أَنَا آمِنٌ فِيكَ العُيُوبا ) أخذه من ابن الرومي حيث قال .
( أَسَالِمُ قَدْ سَلِمْتَ مِنَ الْعُيُوبِ ... أَلا فَاسْلَمْ كَذَاكَ مِنَ الخُطُوبِ ) والذي عندي في الضرب المشار إليه أنه لا بد من مخالفة المتأخر المتقدم إما بأن يأخذ المعنى فيزيده معنى آخر أو يوجز في لفظه أو يكسوه عبارة أحسن من عبارته .
ومن هذا الضرب ما يستعمل على وجه يزداد قبحه وتكثر البشاعة به وهو أن يأخذ الشاعرين معنى من قصيدة لصاحبه على وزن وقافيةفيودعه قصيدة له على ذلك الوزن وتلك القافية ومثاله في ذلك كمن سرق جوهرة من طوق أو نطاق ثم صاغها في مثل ما سرقها منه والأولى به أن كان نظم تلك الجوهرة في عقد أو صاغها في سوار أو خلخالليكون أكتم لأمرها