( تَشْكُو المُحِبَّ وَتُلْفَى الدَّهْرَ شَاكِيَةً ... كَالْقَوْسِ تُصْمِي الرَّمَايَا وَهْيَ مِرْنَانُ ) .
فإن علماء البيان يزعمون أن هذا المعنى مبتدع لابن الرومي وليس كذلك ولكنه مأخوذ من المثل المضروبِ وهو قولهم يلدغ ويصي ويضرب ذلك لمن يبتديء بالأذى ثم يشكوِ وإنما إبن الرومي قد ابتدع معاني أخر غير ما ذكرته وليس الغرض أن يؤتي على جميع ما جاء به هو ولا غيره من المعاني المبتدعة بل الغرض أن يبين المعنى المبتدع من غيره .
والذي عندي في السرقات انه متى أورد الآخر شيئا من ألفاظ الأول في معنى من المعانيِ ولو لفظه واحدة فإن ذلك من أدل الدليل على سرقته .
واعلم ان علماء البيان قد تكلموا في السرقات الشعرية فأكثروا وكنت ألفت فيه كتابا وقسمته ثلاثة أقسام نسخا وسلخا ومسخا .
أما النسخ فهو أخذ اللفظ والمعنى برمته من غير زيادة عليه مأخوذا ذلك من نسخ الكتاب .
أما السلخ فهو أخذ بعض المعنى مأخوذا ذلك من سلخ الجلد الذي هو بعض الجسم المسلوخ .
وأما المسخ فهو إحالة المعنى إلى ما دونه مأخوذا ذلك من مسخ الآدميين قردة .
وههنا قسمان آخرن أخللت بذكرهما في الكتاب الذي ألفتهفأحدهما أخذ المعنى مع الزيادة عليه والآخر عكس المعنى إلى ضده وهذان القسمان ليسا بنسخ ولا سلخ ولا مسخ