فإن هذا من أحسن ما يجيء في باب الاعتذار عن الذنبِ وكان ينبغي له - على ما ذكره ابن سنان - أن يترك ذلك ولا يستعمله حيث فيه لفظتا ( الخطأ ) و ( العمد ) اللتان هما من أخص ألفاظ الفقهاء .
وكذلك قول أبي الطيب المتنبي .
( وَلَقِيتُ كُلَّ الْفَاضِلِينِ كَأَنَّما ... رَدَّ الإِلهُ نُفُوسَهُمْ وَالأَعْصُرَا ) .
( نُسِقُوا لَنَا نَسْق الْحِسَابِ مُقَدّماً ... وَأَتَى فَذلِكَ إِذْ أَتَيْتَ مُؤَخَّرَا ) وهذا من المعاني البديعة وما كان ينبغي لأبي الطيب أن يأتي في مثل هذا الموضع بلفظة " فذلك " التي هي من ألفاظ الحساب بل كان يترك هذا المعنى الشريف الذي لا يتم إلا يتلك اللفظة موافقة لابن سنان فيما رآه وذهب إليه وهذا محض الخطأ وعين الغلط .
وأما ما أنكره على أبي تمام في قوله .
( مَوَدَّةٌ ذَهَبٌ أَثْمَارُهَا شَبَهٌ ... وَهِمَّةٌ جَوْهَرٌ مَعْرُوفُهَا عَرَضُ ) فإن هذا البيت ليس منكرا لما استعمل فيه من لفظتي الجوهر و العرض اللتين هما من خصائص ألفاظ المتكلمين بل لأنه في نفسه ركيكلتضمنه لفظة " الشبه " فإنها لفظه عامية ركيكة وهي التي أسخفت بالبيت بجملته ورب قليل أفسد كثيرا وأما لفظتا الجوهر والعرض فلا عيب فيهما ولا ركاكة عليهما