وقد تقدم القول أن حقيقة التجنيس هي اتفاق اللفظ واختلاف المعنى وعقال ومعقول وحابس ومحبوس اللفظ فيهما واحد والمعنى أيضا واحد فهذا مشتق من هذا أي قد شق منه .
وكذلك ورد قول عنترة .
( لَقَدْ عَلِمَ الْقَبَائِلُ أَنَّ قَوْمي ... لَهُمْ حَدُُّ إِذا لُبِسَ الْحَدِيدُ ) فإن حدا وحديد لفظهما واحد ومعناهما واحد .
وأما الاشتقاق الكبير فهو أن تأخذ أصلا من الأصول فتعقد عليه وعلى تراكيبه معنى واحد يجمع تلك التراكيب وما تصرف منها وإن تباعد شيء من ذلك عنها رد بلطف الصنعة والتأويل إليها .
ولنضرب لذلك مثالافنقول إن لفظة " ق م ر " من الثلاثي لها ست تراكيب وهي ق ر م ق م ر ر ق م ر م ق م ق ر م ر قفهذه التراكيب الست يجمعها معنى واحد وهو القوة والشدة فالقرم شدة شهوة اللحم وقمر الرجلإذا غلب من يقامره والرقم الداهية وهي الشدة التي تلحق الإنسان من دهره وعيش مرمق أي ضيق وذلك نوع من الشدة أيضا والمقر شبه الصبر يقال أمقر الشيء إذا أمر وفي ذلك شدة على الذائق وكراهة ومرق السهمإذا نفذ من الرمية وذلك لشدة مضائه وقوته .
واعلم أنه إذا سقط من تراكيب الكلمة شيء فجائز ذلك في الاشتقاقلأن الاشتقاق ليس من شرطه كمال تركيب الكلمة بل من شرطه أن الكلمة كيف تقلبت بها تراكيبها من تقديم حروفها وتأخيرها أدت إلى معنى واحد يجمعهافمثال ما سقط من تركيب الثلاثي لفظة " و س ق " فإن لها خمس تراكيب وهي و س قِ