لكن نعلم في السليم اللديغ أنه مشتق من السلامةلأنه ضدهاقيل من أجل التفاؤل بالسلامة وعلى هذا جاء غيره من الأصول كقولنا هشمك هاشم وحاربك محارب وسالمك سالم وأصاب الأرض صيب فهذه الألفاظ كلها لفظها واحد ومعناها واحدأما هاشم فإنه لم يسم بهذا الاسم إلا لأنه هشم الثريد في عام محل فسمي بذلك وأما محارب فإنه اسم فاعل من حارب فهو محارب وأما سالم فمن السلامة وهو اسم فاعل من سلم وأما الصيب فهو المطر الذي يشتد صوبه أي وقعه على الأرض ولا يقاس على ذلك قول النبي " أسلم سالمها الله وغفار غفر الله وعصية عصت الله " فإن أسلم وغفار وعصية أسماء قبائل ولم تسم أسلم من المسالمة ولا غفار من المغفرة ولا عصية من تصغير عصا وهذا هو التجنيس وليس بالاشتقاق والنظر في مثل ذلك يحتاج إلى فكرة وتدبر كي لا يختلط التجنيس بالاشتقاق .
ومما جاء من ذلك شعرا قول البحتري .
( أَمَحِلَّتيْ سَلْمَى بِكَاظِمَةَ اسْلَمَا ... ) وكذلك قول الآخر .
( وَمَا زَالَ مَعْقُولاً عِقَالٌ عَنِ النَّدى ... وَما زَالَ مَحْبُوسَاً عَنِ الخَيْرِ حابِسُ ) وربما ظن أن هذا البيت وما يجري مجراه تجنيسحيث قيل فيه معقول وعقال ومحبوس وحابس وليس الأمر كذلك وهذا الموضع يقع فيه الاشتباه كثيرا على من لم يتقن معرفته