مبصرا ولتبتغوا من فضله ) فلما قدم الليل في الذكر على النهار قدم سبب الليل وهو السكون على سبب النهار وهو التعيش .
ومن ذلك ما كتبته في كتاب تعزية وهو فصل منه ولقد أوحشت منه المعالي كما أوحشت المنازل وآتت المكارم كما آمت الحلائل وعمت لوعة خطبه فما تشتكي ثكلى إلا إلى ثاكل وما أقول فيمن عدمت الأرض منه حياها والمحامد محياها فلو نطق الجماد بلسان أو تصور المعنى لعيانلأعربت تلك من ظمأ صعيدها وبرزت هذه حاسرة حول فقيدها .
ومن ذلك ما كتبته في فصل من كتاب إلى بعض الإخوانفقلت وما زالت أيادي سيدنا متنوعة في زيادة جودها وكتابها فهذه متطولة بترقية وردها وهذه آخذة بسنة أغبابها وأحسن ما في الأولى أنها تأتي متحلية بفواضل الإكثار وفي الثانية أنها تأتي متحلية بفضائل الاختصارفاختصار هذه في فوائد أقلامها كتطويل تلك في عوائد إنعامها وقد أصبحت خواطري مستغرقة بإنشاء القول المبتكر في شكر الفضل المطول وجواب البيان المختصر وما جعل الله لها من سلطان البلاغة ما يستقل بأداء حقوق تنقل على الرقاب ومقابلة بلاغات تثقل على الألباب .
ومما جاء من ذلك شعرا قول إبراهيم بن العباس .
( لَنَا إِبِلٌ كُومٌ يَضِيقُ بِهَا الْفضَا ... وَيَفْتَرُّ عَنْهَا أَرْضُهَا وَسَماؤهَا ) .
( فَمِنْ دُونِهَا أَنْ تُسْتَباحَ دِماؤُنَا ... وَمِنْ دُونِنَا أَنْ تُسْتَبَاحَ دِمَاؤُها ) .
( حِمىً وَقِرًى فالْمَوْتُ دُونَ مَرَاحِهَا ... وأَيْسَرُ خَطْبٍ يَوْمَ حُقَّ فَنَاؤُها ) وهذه الأبيات من نادر ما يجيء في هذا الباب معنى وترتيب تفسير