هذا الموقف فقال إن الناس فيه أحد رجلين إما ذليل عن مورده وإما هالك فيه أي أنه لا ينجو منه أحد يرده وهذا تقسيم صحيح لا فساد فيه .
القسم الثالث في ترتيب التفسير وما يصح من ذلك وما يفسد .
اعلم أن صحة الترتيب في ذلك أن يذكر في الكلام معان مختلفة فإذا عيد إليها بالذكر لتفسر قدم المقدم وأخر المؤخر وهو الأحسن إلا أنه قد ورد في القرآن الكريم وغيره من الكلام الفصيح ولم يراع فيه تقديم المقدم ولا تأخير المؤخركقوله تعالى ( أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب ) ولو قدم تفسير المقدم في هذه الآية وأخر تفسير المؤخر لقيل إن يشأ يسقط عليهم كسفا من السماء أو يخسف بهم الأرض .
وكذلك ورد قوله تعالى ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ) فقدم المؤخر وأخر المقدم .
والقسمان قد وردا جميعا في القرآن الكريم .
فمما روعي فيه تقديم المقدم وتأخير المؤخر قوله تعالى ( وما نؤخره إلا لأجل معدود يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شفوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ ) .
ومن ذلك قوله تعالى ( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة ) .
وكذلك قوله تعالى ( ومن رحمته جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار