السموات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد ) وكقوله ( ألم ترى أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرءوف رحيم ) فإنه إنما فصلت الآية الأولى بلطيف خبير لأن ذلك في موضع الرحمة لخلقه بإنزال الغيث وغيره وأما الآية الثانية فإنما فصلت بغني حميد لأنه قال ( له ما في السموات وما في الأرض ) له لا لحاجة بل هو غني عنها جواد بهالأنه ليس كل غني نافعا بغناه إلا إذا كان جوادا منعما وإذا جاد وأنعم حمده المنعم عليه واستحق عليه الحمد فذكر الحميد ليدل على أنه الغني النافع بغناه خلقه وأما الآية الثالثة فإنها فصلت برءوف رحيم لأنهلما عدد للناس ما أنعم به عليهم من تسخير ما في الأرض لهم وإجراء الفلك في البحر بهم وتسييرهم في ذلك الهول العظيم وخلقه السماء فوقهم وإمساكه إياهن الوقوع حسن أن يفصل ذلك قوله ( رءوف رحيم ) أي أن هذا الفعل فعل رءوف بكم رحيم لكم .
واعلم أيها المتأمل لكتابنا هذا أنه قلما توجد هذه الملاءمة والمناسبة في كلام ناظم أو ناثر .
ومن الآيات ما يشكل فاصلته فيحتاج إلى فكرة وتأمل كقوله تعالى ( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم ) فإنه قد وردت الفاصلة في غير هذا الموضع بتواب رحيم ويظن الظان أن هذا كذا ويقول إن التوبة مع الرحمة لا مع الحكمةوليس كما يظن بل الفاصلة بتواب حكيم أولى من تواب رحيملأن الله D حكم بالتلاعن على الصورة التي أمر بها وأراد بذلك ستر هذه الفاحشة على عباده وذلك حكمة منه