ومما يتصل بهذا الضرب ضرب من الكلام يسمى " المواخاة بين المعاني والمواخاة بين المباني " وكان ينبغي أن نعقد له بابا مفردا لكنا لما رأيناه ينظر إلى التقابل من وجه وصلناه به .
أما المواخاة بين المعاني فهو أن يذكر المعنى مع أخيه لا مع الأجنبيمثاله أن تذكر وصفا من الأوصاف وتقرنه بما يقرب منه ويلتئم به فإن ذكرته مع ما يبعد منه كان ذلك قدحا في الصناعة وإن كان جائزا .
فمن ذلك قول الكميت .
( أمْ هَلْ ظَعَائِنُ بِالْعَلْيَاءِ رَافِعَةٌ ... وَإِنْ تَكَامَلَ فِيهَا الدَّلُّ وَالشَّنَبُ ) فإن الدل يذكره مع الغنج وما أشبهه والشنب يذكر مع اللعس وما أشبهه وهذا موضع يغلظ فيه أرباب النظم والنثر كثيرا وهو مظنة الغلط لأنه يحتاج إلى ثاقب فكرة وحذق بحيث توضع المعاني مع أخواتها لا مع الأجنبي منها .
وقرأت في كتاب الأغاني لأبي الفرج أنه اجتمع نصيب والكميت وذو الرمة فأنشد الكميت " أم هل ظغائن - البيت " فقعد نصيب واحدةفقال له الكميت ماذا تحصي ؟ قال خطأكفإنك تباعدت في القول أين الدل من الشنب ؟ ألا قلت كما قال ذو الرمة