يدي إلى الكتاب بعد أن صافحت يد موصله كما صافحت عبقة مندله وقلت أهلا بمن أدنى من الحبيب مزارا وأهدى لعيني قرة ولقلبي قرارا .
وهذا في الغرابة كأخواته التي تقدمت .
ولم أستقص ما اخترعته من هذا الباب في مطالع الكتب .
وأما ما أتيت فيه بالحسن من المعاني ولكنه غير مخترعفمن ذلك مطلع كتاب كتبته عن الملك نور الدين أرسلان بن مسعود صاحب الموصل إلى الملك الأفضل علي بن يوسف يتضمن تعزية وتهنئة أما التعزية فبوفاة أخيه الملك العزيز عثمان صاحب مصر وأما التهنئة فبوراثة الملك من بعده وهو لا يعلم القلم أينطق بلسان التعزية أم بلسان التهنية لكنه جمعهما جميعا فأتى بهما على حكم التثنية وفي مثل هذا الخطب يظل القلم حائرا وقد وقف موقف السخط والرضا فسخط أولا ثم رضي آخرا وهذا البيت الناصري يتداول درجات العلى فما تمضي إلا وإليه ترجع وشموسه وأقماره تتناقل مطالع السعود فما يغيب منها غائب إلا وآخر يطلع والناس إن فجعوا بماجد ردفه من بعده ماجد وإن قيل إن الماضي كان واحدا قيل بل الآتي هو الواحد .
وهذا فصل من أول الكتاب ثم كتبت في هذا المعنى كتابين آخرين وفي الذي أوردته من هذا الفصل مقنع .
ومن هذا الأسلوب ما كتبته إلى بعض الإخوان جوابا عن كتابه وكانت الكتب قد انقطعت بيني وبينه زمانا وهو لقاء كتب الأحباب كلقاء الأحباب وقد تأتي بعد يأس منها فيشتبه لها دمع السرور بدمع الاكتئاب ومن أحسنها كتاب المجلس السامي الفلاني جعل الله الليالي له صحبا والمعاني له عبقا ورفع مجده فوق كل ماجد حتى تكون حسناتهم لدى حسناته ذنبا ولا زال اسمه في الأفواه عذبا وذكره في الألسنة رطبا ووده لكل إنسان إنسانا ولكل قلب قلبا .
ثم انتهيت إلى آخر الكتاب على هذا النسق وإنما ذكرت ههنا مبتدأه لأنه الغرض المقصود في هذا الموضع .
ومن ذلك ما كتبته إلى بعض الإخوان جوابا عن كتابه وهو البشرى تعطى