( أَمَا وَهَوَاهَا عِذْرَةً وَتَنَصُّلاَ ... لَقَدْ نَقَلَ الْوَاشِي إِليْهَا فَأَمْحَلا ) .
( سَعَى جُهْدَهُ لكِنْ تَجَاوَزَ حَدَّهُ ... وكَثَّرَ فَارْتَابَتْ وَلَوْ شَاءَ قَللا ) فإنه أبرز الاعتذار في هيئة الغزل وأخرجه في معرض النسيب وكان وشي به الى الممدوح فافتتح قصيدته بهذا المعنى فأحسن .
ومما جاء على نحو من ذلك قول بعض المتأخرين من العراقيين .
( وَرَاءكَ أَقْوَالُ الْوُشَاةِ الْفَوَاجِر ... وَدُونَكَ أحْوَالُ الْغَرَامِ الْمُخَامِرِ ) .
( وَلَوْلاَ وَلُوعُُ مِنْكَ بِالصِّدِّ مَا سَعَوْا ... وَلَوْلا الْهَوَى لمْ أَنْتَدِبْ لِلْمَعَاذِرِ ) فسلك في هذا القول مسلك مهيار إلا أنه زاد عليه زيادة حسنة وهي المعاتبة على الإصغاء إلى أقوال الوشاة والاستماع منهم وذلك من أغرب ما قيل في هذا المعنى .
ومن الحذاقة في هذا الباب أن تجعل التحميدات في أوائل الكتب السلطانية مناسبة لمعاني تلك الكتب وإنما خصصت الكتب السلطانية دون غيرها لأن التحاميد لا تصدر في غيرهافإنها تكون قد تضمنت أمورا لائقة بالتحميد كفتح مقفل أو هزيمة جيش أو ما جرى هذا المجرى .
ووجدت أبا اسحق الصابي - على تقدمه في فن الكتابة - قد أخل بهذا الركن الذي هو من أوكد أركان الكتابة فإذا أتى بتحميدة في كتاب من هذه الكتب لا تكون مناسبة لمعنى ذلك الكتاب وإنما تكون في واد والكتاب في واد إلا ما قل من كتبه .
فما خالف فيه مطلع معناه إنه كتب كتابا يتضمن فتح بغداد وهزيمة الأتراك عنها وكان ذلك فتحا عظيمافابتدأ بالتحميد وقال الحمد لله رب العالمين